رغم تحضير القنوات لبرمجة خاصة بذكرى انفجار مرفأ بيروت عام 2020، إلا أن «تلفزيون لبنان» يغيب عن تلك المناسبة بشكل كلّي. قرار تغييب الشاشة المحلية عن الذكرى الأليمة، جاء بسبب الاضراب المفتوح الذي أعلنه أمس موظّفو المؤسسة الرسمية الغارقة في مشكلاتها الإدارية والمالية.
يشبّه أحد العاملين في «تلفزيون لبنان» وضعه بأنه «يُحتضر على فراش الموت»، ولم تعد تنفع معه «المسكّنات» التي يقترحها القائمون على الشاشة الوطنية. يأتي هذا الكلام مع إعلان موظّفي التلفزيون، عن بدء إضرابهم المفتوح لحين حصولهم على مستحقاتهم المكسورة منذ عام 2021، أي عندما أعلن مجلس الوزراء قبل عامين، منح زيادة على الراتب لحقت العاملين في القطاعين الخاص والعام، ولكنّ موظفي الشاشة لم يتقاضوا فلساً منها. يعتبر هذا الاضراب الأول من نوعه منذ تأسيس التلفزيون عام 1959.
هكذا، عبّر موظفو «تلفزيون لبنان» عن صرختهم الموجعة التي انطلقت قبل الأزمة التي تعصف في البلاد منذ عام 2019، وتفاقمت لاحقاً مع تدهور الوضع الاقتصادي. ما زاد الطين بلّة، هو عدم القدرة على انتخاب وتعيين مجلس إدارة جديد في التلفزيون بسبب المحسوبيات الطائفية والخلافات السياسية. لم يجد العاملون أمامهم سوى التمرّد على الحالة المأساوية التي وصلوا إليها، معلنين الإضراب المفتوح إلى أجل غير مسمّى. نتج عن ذلك عدم بث أي برنامج أو نشرة أخبار جديدة، والاكتفاء بإعادة عرض مسلسلات قديمة من الأرشيف، إلى جانب موسيقى كلاسيكية، ربما تعبّر عن الوضع المأساوي الذي وصلت إليه الشاشة.
في هذا السياق، تشرح ميرنا الشدياق رئيسة «نقابة مستخدمي التلفزيون في لبنان» التي انتخبت أخيراً، الوضع في حديث لنا قائلة «مع بدء الأزمة المالية، تقاضى العاملون في القطاعات زيادات ومساعدات اجتماعية على الرواتب، إلا العاملين في الشاشة الرسمية الذين وجدوا أنفسهم مهملين. لم يُعرف سبب تأخّر حصول الموظفين على حقوقهم، ولم نتلقَّ شرحاً واضحاً حول تلك المماطلة». تعود الشدياق إلى الحديث عن الوضع الذي سبق الإضراب المفتوح، لافتة إلى أنه قبل أيام أعلن الموظفون عن وقفة احتجاجية لهم، مستعرضين أزمتهم المالية. لكنّ أصداء تلك الوقفة لم تصل إلى نتائج إيجابية. أمر دفع الموظفين إلى رفع صوتهم أكثر. وتوضح: «الإضراب ليس ضد شخص معين. لدينا الكثير من المطالب المحقة. كان آخر وعد تلقيناه بأننا سنحصل على مستحقاتنا أول من أمس، ولكن لم يتم الوفاء به. اليوم أخبرونا أن وزارة المالية ستضع المساعدات في حساباتنا المصرفية، ولكن لن نفك الإضراب قبل تحقيق ذلك».
يأتون إلى دوامهم يومياً ولكنهم لا يقومون بعملهم


تصف الشدياق الوضع السائد في التلفزيون بأنه صعب، متسائلة: «ليس من العدل أن يتقاضى الموظف في التلفزيون مليونين أو خمسة ملايين ليرة (أقل من 50 دولاراً أميركياً). تلك الرواتب لا تكفي كلفة مواصلات. لقد تلقينا الكثير من الوعود بتحسين ظروفنا من قبل وزارتي الإعلام والمال، ولكن تلك الوعود كانت حبراً على ورق».
عن وضع الموظفين في ظل الإضراب المفتوح، تجيب الشدياق بأن «الموظفين يأتون إلى دوامهم يومياً، ولكنهم لا يقومون بعملهم. توقف الهواء بشكل كلي. ونأسف أن يتزامن الإضراب مع حلول الذكرى الثالثة لانفجار المرفأ».
لكن هل سيؤدي الإضراب إلى إغلاق «تلفزيون لبنان»؟ تجيب الشدياق بأنّ الهدف من الإضراب ليس إغلاقه أبداً، متسائلة عن الجهة المستفيدة من وراء الإغلاق، ولماذا يجب الحديث عن الإغلاق في ظل هذه الظروف؟