بعيداً عن المستوى الفني المتوسط لفيلم «ع الزيرو» لمحمد رمضان ونيللي كريم، لفتت الانتباه المساحة الأكبر نسبياً التي حصل عليها الممثل المصري شريف دسوقي (1967 ــ الصورة) الذي جسّد شخصية «سمسار أعضاء بشرية» يتعامل مع البطل «حمزة دراجون» على مدار أحداث الشريط. إذ يضطر البطل لبيع كليته لإجراء عملية عاجلة لنجله المريض بسرطان الدم. الفيلم من كتابة مدحت العدل وإخراج محمد جمال العدل، ويمكن تصنيفه بـ «متوسط المستوى»، لكنه منح دسوقي ــ بشكل غير مباشر ــ شهادة نهائية بقدرته على الوقوف أمام الكاميرا وليس الجلوس فقط، بسبب ظهوره في مشهدين رئيسيين وهو واقف. صحيح أنّه لم يتحرّك، لكنه بهذا الحضور أكد أنه قادر على تجسيد أي دور لا يحتاج فيه للمشي، إلا لو كانت الشخصية ترتدي طرفاً اصطناعياً، وهي الحالة التي بات عليها دسوقي منذ اضطر الأطباء لبتر قدمه في أيار (مايو) 2021.قصة شريف دسوقي نفسها مع الأضواء تستحق أن تستحيل فيلماً. الرجل الذي عرفه الجمهور بعد تخطيه عامه الخمسين، لمع على مسرح «دار الأوبرا» المصرية حين فاز في تشرين الثاني (نوفمبر) 2018 بجائزة أفضل ممثل ضمن «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي»، عن فيلم «ليل خارجي». وقتها، انبرت الصحف تكتب عن مَنْ يكون الممثل المغمور الذي تفوّق على مشاهير التشخيص السينمائي المشاركين في المسابقة نفسها.
ينتظر قريباً عرض فيلم «العميل صفر» مع أكرم حسني


دسوقي نجل مدير أحد مسارح الإسكندرية، تربّى فيها وعمل ممثلاً وحكّاءً في فرق مسرحية عدّة، لكن الفرصة جاءت في «ليل خارجي»، لينطلق بعدها في أفلام ومسلسلات عدّة، قبل أن يبلغ ذروته سريعاً في رمضان 2020 من خلال شخصية «سبَعْبَعْ» في مسلسل «بـ 100 وش» للمخرجة كاملة أبو ذكري. ومنذ ذلك الحين، بات اسمه على كل لسان ومطلوباً بشكل هدّد انتشار بيّومي فؤاد، الممثل الأكثر نشاطاً في السنوات العشر الأخيرة. لكن سرعان ما ترددت أقاويل عن عصبيته الشديدة على البلاتوهات، وعدم قدرته على تنظيم وقته بسبب أزمات عائلية سابقة بالإضافة إلى إصابته بمرض السكري الذي تسبّب في الطامة الكبرى، حيث أصيب بجرح كبير خلال تصوير فيلم «وقفة رجّالة»، أدى إهماله إلى بتر قدمه من تحت الركبة. يومها، عاش الوسط الفني مأساة غير مسبوقة، وظن الجميع أنّ دسوقي انتهى وسيمثّل فقط في الأعمال الإذاعية. حتى عندما بدأ يظهر في أعمال تلفزيونية مثل «وش وضهر» عبر منصة «شاهد»، جسّد شخصية مزور قعيد واضطر للظهور بالكرسي المتحرك في بعض المشاهد، وظن البعض أنّه ظهور من باب الدعم المعنوي. لكن أكثر من مخرج خالفوا التوقعات، وبات شريف مطلوباً في أعمال عدة، حتى إنّه شارك في مسرحية «ياما في الجراب يا حاوي» أمام يحيى الفخراني، ومسلسلات مثل «دايماً عامر» و«سرّه الباتع». لكن حضوره السينمائي جذب الانتباه، حين استعان به رامي إمام في فيلم «فضل ونعمة» مع ماجد الكدواني وهند صبري، فيما حضر في موسم عيد الأضحى الأخير من خلال فيلمَيْ «بيت الروبي» و«البعبع»، قبل أن يحصل على المساحة الأكبر في «عَ الزيرو». وفي هذه الأثناء، ينتظر عرض فيلم «العميل صفر» (تأليف وائل عبد الله، إخراج كريم العدل) أمام أكرم حسني في منتصف شهر آب (أغسطس) الحالي.
ابتعد دسوقي عن الأضواء الإعلامية ولم يعد يشارك في أي أحداث جماهيرية، رغم ما تردد عن نجاحه في تجربة الطرف الاصطناعي وتخليه عن العكاز والكرسي المتحرك، لكنه بات أكثر حضوراً على الشاشة ليكون الفنان الوحيد الذي نجح في الاستمرار بعد المأساة الشخصية التي مرّ بها. فقد بدأ من جديد، مثبتاً أنّ الوقت لم يحن بعد لتنزل على شارة مشواره الفني كلمة النهاية.