أطلق عازف العود السوري والمؤلّف الموسيقي كنان أدناوي أخيراً أسطوانته الثانية «وتر» Watar، وقد نشر المقطوعة التي تحمل عنوان الألبوم على قناة يوتيوب. أمّا المحطّات الموسيقية الأخرى، فسوف ينشرها تباعاً ليتسنّى للجمهور سماعها. أُصدِر ألبوم «وتر» (2023) بمنحة من مؤسسة «المورد الثقافي» كما قال لنا كنان، والتسجيل في الاستديو كان من داخل وخارج بلده، وقد استغرق العمل وقتاً طويلاً قبل أن يبصر النور. يشتمل الألبوم على ثمان معزوفات، بينها التقاسيم والارتجالات لآلة العود المنسكبة في مقطوعتين، وستّ معزوفات للمجموعة الموسيقية. مقطوعة «رقصة حُب» قدّمها سابقاً في أشكالٍ وأُطُر عدّة: مع تخت شرقي وأوركسترا سمفونية، وفي حفلات متنوّعة، وتحتوي على «صولو» للعود.
يبرز «الرَّشّ» الوتريّ Tremolo والتعبيري في مقطوعة «وتر» مع البطء المتعمَّد وجُمَل تقاسيم قصيرة جداً في ومضاتٍ خاطفة مدروسة، وهي حالِمة وتتدثر ببُعدٍ موسيقي تصويري. كما يحوي الألبوم مقطوعة «حكاية حُب»، و«عَ الوقت» وهما من القطَع الحيوية البسيطة السهلة والقصيرة وفيهما فسحة للارتجالات لآلة السوبرانو ساكسوفون والإيقاع (الطبلة)، فيما تحتلّ مساحة أوسع في الحفلات حيث يرتجل – في فضاءٍ احتفاليّ- كلٌّ من العازفين على آلاتهم، ما يمنح المقطوعتين خصوصيتها وألوانها وخلاصتها الصوتية.
أما مقطوعة «بيات الحصاد»، فتندرج في مقام البياتي ويعدّها كنان من أهمّ مقطوعاته وفيها «تفريد بسيط للناي والقانون»، على حدّ تعبير كنان.
«طريق إلى دمشق» على نوْل مقام العجم أساسيةٌ في الألبوم، وقد قدّمها سابقاً مع موسيقيين في الهند، وفي فرقة جاز وتختٍ شرقيّ، وبكل الأشكال والأطر التي لبست المقطوعة جلبابها حَسُنت أصداؤها. تبدأ القطعة بمقام العجم البسيط، ثم يتبدّى مقام الراست فيها وتستبطن تقسيماً للعود على المقام عينه. كما أنّها تتضمّن حضوراً لطيفاً للبيانو مع بعض التلوينات، وإضافات للقانون في بعض المقاطع. كذلك يضمّ الألبوم تقاسيم على مقامَي النهاوند والبياتي.
ألبوم كنان الأوّل بعنوان «جوّ» أصدره في الولايات المتحدة الأميركية (2013- 2014) وقد سجَّلهُ مع عازفين في أميركا على الكلارينيت، والبيانو، والكونترباص، والعود، والإيقاع. أمّا الألبوم الجديد، فمنوَّع أكثر يضمّ عدداً أوسع من الآلات، كما يتوشّى بألوانٍ مختلفة نسبياً، وفيه فسحة أرحب للعود.
يتميّز بنقاء ريشته في العزف ورهافتها


كنان أدناوي، الذي نال جوائز عدة آخرها العام الماضي في مسابقة العود الدولية في لبنان التي نظّمها «معهد فيلوكاليا» برعاية وزارة الثقافة في لبنان، ثمّ جائزة ضمن «مهرجان العود الدولي» في الرياض وهو أكبر ملتقى يجمع عازفي العود وصُنّاعه، عازف عود عربي متمرّس، يتميّز بنقاء ريشته في العزف ورهافتها، وبتمكُّنه وبراعته التقنيين وتفوّقه، محافظاً على هوية العود المشرقية العربية، ومنفتحاً بحرارة على موسيقات العالم وآفاقها في التفاعل الطبيعي بينها وبين الموسيقى العربية عزفاً وكتابةً موسيقية.