ينتمي الشريط إذاً إلى سينما «اللوكيشن الواحد»، حيث الشقة موقع التصوير الوحيد بكل تفاصيلها. كما أنّه ينتمي في الوقت نفسه إلى سينما «الليلة الواحدة»، أي إنّ المكان والزمان ثابتان، والطرفان محاصران في مساحة ضيقة. لكن السيناريو حمى الجمهور من الشعور بهذا الضيق، من خلال تتابع المشاهد الحوارية، سواء الجماعية أو الثنائية، وتسلسل الأحداث بشكل يكشف عن مشكلة كلّ شخص، بما يفسّر موقفه من «خناقة» الزوجين اللذين ينهيان الليلة من دون طلاق، لكن أيضاً من دون حلّ جذري لتلك الأزمات.
أبرز ما يحسب للمخرج وليد الحلفاوي هو تحديد مساحات مناسبة لكلّ الممثلين، ووضع المبرّر الدرامي لتجميع كل هذا العدد من الأشخاص في اللحظة نفسها، مع الإفادة من وجودهم لنسج مواقف متتابعة تكشف عن مكنونات الشخصيات. الصديقة جاءت في بداية الصدام للجلوس مع الطفل في انتظار وصول الأهل، قبل أن تتهمها الزوجة بأنّها تسعى لانفصالهما حتى تفوز بزوجها. أحد أصدقاء الزوج الأكثر تهوّراً الذي انتظر في الأسفل لتقديم الإمداد، قفز لاحقاً من شرفة الجيران إلى شقة الزوجين من أجل الانضمام لـ «أرض المعركة»، ليثري لاحقاً الصراع قبل أن نتعرف إلى أزمته الشخصية التي تفسّر أداءه العنيف. وهكذا الأمر مع كل الشخصيات، بمن في ذلك العاملة المنزلية والسائق، مروراً بضيفَي الشرف الحدّاد وضابط الشرطة اللذين تم اختيارهما بعناية ودفعا بالدراما إلى الأمام.
نجح المخرج في تحديد مساحات مناسبة لكلّ الممثلين
يصعب التوقّف عند كل ممثل على حدة، إذ يطغى الأداء الجماعي على الحالة العامة للفيلم، وإن كانت هناك إشادات أكبر ببيومي فؤاد كونه يظهر في بعض الأعمال من دون تحقيق إضافة، لكن أداءه تخطى المتوقع منه بكثير في «وش في وش». الأمر نفسه ينطبق على أنوشكا في دور حماة الزوج المتعجرفة ونظيرتها سلوى محمد علي. وكعادته قدّم سامي مغاوري أداءً راقياً في شخصية والد الزوجة. أما على مستوى الجيل الأصغر، فتألّق كثيرون أمثال محمد ممدوح، أمينة خليل، محمد شاهين ومحمود الليثي.
عاب الفيلم التطويل قليلاً، وتوقّع الجمهور انتهاء الأحداث بعد مشهد الحريق. غير أنّه يبدو أنّ الحلفاوي أراد أن يتخيّل كل متفرج ماذا ستفعل الشخصيات بعد الليلة العصيبة، أو بمعنى أدق ماذا ستفعل «النفوس» بعدما ذهب كل «وش» إلى حيث أتى.