أثار الكاتب المصري محمد سلماوي، جدلاً كبيراً أمس بعدما ذكر في مقاله في «الأهرام»، الصحيفة الحكومية الأكبر، أنّ هناك جهة سيادية طلبت من العاملين في «الهيئة العامة للكتاب»، التي يقع مقرها على نيل القاهرة، إخلاء الدار «خلال 18 شهراً لتحول مقرها على كورنيش النيل إلى فندق، من دون أن تحدد أماكن بديلة لها، مكتفيةً بعرض مكاتب لموظفيها فى العاصمة الإدارية الجديدة» ضمن إطار ما يعرف حالياً بـ «خطط تطوير القاهرة». وأشار سلماوي إلى أنّ هناك «خطراً يتهدد 3 منشآت ثقافية ذات تاريخ عريق» وهي «دار الكتب» و«دار الوثائق القومية» و«الهيئة العامة للكتاب».وعلى الرغم أنّ بعض مكاتب وزارة الثقافة انتقلت بالفعل إلى العاصمة الإدارية الجديدة، وظهرت وزيرة الثقافة نيفين الكيلاني وهي تلتقي بمسؤولين في الوزارة وتعقد عدداً من الاجتماعات أو تلتقي بمسؤولين من دول أخرى في مكتبها في العاصمة الإدارية، إلا أنّ العمل ما زال جارياً في كثير من مكاتب وزارة الثقافة في مقراتها القديمة المنتشرة في القاهرة وفي أكثر من مكان يطلّ على النيل.
فكرة أن تطل مؤسسة حكومية على النيل، أصبح مسألة «سيئة السمعة» في القاهرة، فموقع المؤسسات على نيل القاهرة يجعلها مطمعاً لخطط التطوير سيئة السمعة أيضاً، فكل الأماكن على النيل يجب استثمارها وتطويرها لتدر دخلاً على خزينة الدولة المصرية التي تعاني نقصاً حاداً في العملة الصعبة ويعيش مواطنوها أزمة اقتصادية كبيرة، مثلما يحدث في منطقة «ماسبيرو» (مبنى التلفزيون المصري) التي تقع مباشرة على النيل أيضاً، بحيث يتم بيع هذه الأماكن للمستثمرين، أو تحويلها إلى فنادق وسط القاهرة المكتظة بالأساس، من دون أي نظر للقيمة التاريخية لهذه الأماكن.
تحدثنا إلى مصدر يعمل في «المطابع الأميرية»، فأعرب عن دهشته مما ذكر في مقال سلماوي، قائلاً: «ليس مستبعداً أي شيء، لكنني كشخص يعمل داخل «المطابع الأميرية» ويأتي إليها يومياً، لم يخبرنا أحد بشيء عن الإخلاء». وتابع أنه بالفعل تم إبلاغ الموظفين في كل المكاتب الإدارية بنقلهم إلى العاصمة الإدارية الجديدة، بمَن فيهم العاملون في «دار الكتب» و«دار الوثائق القومية» من دون «انتقال كامل حتى الآن». معلومة تتفق مع جزء من مقال محمد سلماوي يقول فيه إن «الوزيرة أخبرت الهيئات الثلاث بالاستمرار في عملها من مقارها الحالية حتى بعد انتقال الوزارة إلى العاصمة الإدارية».
وأوضح المصدر أنّ «مطبعة بولاق التاريخية» التي أسّسها محمد علي، لم تعد موجودة، وبقاياها أو ما تبقى من ماكيناتها وكتبها تم تسليمه من قبل «المطابع الأميرية» الحالية إلى مكتبة الإسكندرية كإهداء عام 2006، في حين أنّ مطبعة «دار الكتاب» التي تقع على الجهة المقابلة للمطابع الأميرية شرق النيل، لا تزال تعمل وتنتج الكتب الخاصة بالهيئة.
ويرى المصدر الذي رفض ذكر اسمه أنه من الصعب جداً نقل مطابع «دار الكتب»، فـ «فضلاً عن أنها تراثية ومهمة جداً، سيكون من الصعب نقل الماكينات والدار بأكملها إلى العاصمة الإدارية. أما «دار الوثائق»، فقد يستغرق الأمر عشر سنوات لنقل ما تحويه من وثائق إلى مكان آخر، وينطبق ذلك على المطابع الأميرية الحالية».
«جهة سيادية» طلبت إخلاء «الهيئة العامة للكتاب»


رئيس «هيئة الكتاب» أحمد بهي الدين، نفى للكاتب محمد سلماوي أمر الإخلاء، لكن ما يحدث في القاهرة خلال السنوات الأخيرة، وما حصل لمقابر مثقفي مصر وكثير من أهم الشخصيات التاريخية المصرية، حيث تتم إزالة مدافنهم وسط العاصمة من أجل بناء كوبري أو مخططات أخرى غير معلنة «يثير القلق على أي شيء في القاهرة، وخصوصاً إذا كان يحتل موقعاً جيداً مثل «دار الكتب» و«دار الوثائق القومية» وكذلك المطابع الأميرية».
حين نشر محمد سلماي مقاله المعنون بـ«نهاية دار الكتب» على صفحته الفايسبوكية، علق الكاتب الإسكندراني سعيد سالم، بأنه تم إخلاء مكتبة «هيئة الكتاب» في الإسكندرية منذ حوالى عام لتصبح الإسكندرية بلا مكتبة تابعة للهيئة، واستغرب متابعون أن يحدث هذا الأمر لأماكن ثقافية وتاريخية هامة.
وقد أقام محمد علي باشا حاكم مصر «مطبعة بولاق» أو «المطبعة الأميرية» عام 1820 كأول مطبعة رسمية حكومية في مصر، في منطقة بولاق على ضفة النيل اليمنى، لكن بعد ثورة يوليو، تم إنشاء مبنى جديد للمطبعة في مكان جديد تماماً هو مقر المطابع الأميرية الحالي على الجهة المقابلة للمطابع التي أقامها محمد علي.
وفي شهر تموز (يوليو) الماضي، صدر بيان لرئاسة الجمهورية في مصر مفيداً أنّ حوالى 100 جهة حكومية من الوزارات والهيئات التابعة انتقلت بالفعل للعمل من العاصمة الإدارية (60 كم شرق القاهرة)، ووصل عدد العاملين فيها 40 ألف موظف وعامل.