القاهرة | وسط صمت تام لـ «نقابة الممثلين المصريين»، نجح أعضاء «نقابة السينمائيين» في مصر، خلال أقل من أسبوع، في إبطال ما عُرف باسم «لائحة الأجور الجديدة» التي كانت يُفترض أن توضع على أساسها ميزانيات مسلسلات عام 2024، سواء من خارج الموسم أو تلك التي ينتظرها الجمهور في شهر رمضان المقبل. خرجت اللائحة قبل أقل من شهر على تكوين ما يسمّى «اتحاد منتجي مصر» («الأخبار» 7/8/2023). خرج هذا الكيان فجأة ليكون واجهة لقرارات «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية»، التابعة للاستخبارات المصرية والراغبة في خفض متوسّط كلفة إنتاج المسلسلات، لتتناسب مع نقص السيولة الحاد في سوق الصناعة الفنية، والذي جعل شاشات الشركة تخلو من أي مسلسل جديد خلافاً للعادة. ومن المعلوم أنّ مسلسلات الـ off season كانت تنطلق بعد إجازة عيد الأضحى.
بدأ التصدّي من كواليس مسلسل «نعمة الأفوكاتو» من بطولة مي عمر

كانت البداية في كواليس مسلسل «نعمة الأفوكاتو» (إخراج محمد سامي)، حيث تقدّم مهندس الصوت محمد الدالي بشكوى ضد المنتجة مها سليم بسبب إبلاغه بتقليل أجره المتعاقد عليه بالفعل رغم انطلاق التصوير، بحجة التقيّد بقائمة الأجور الجديدة. هنا، سارعت شعبة الصوت في «نقابة السينمائيين» إلى التحذير من خلال إصدار بيان رسمي، عبّرت فيه عن احتجاجها على القرار، وهدّدت بإيقاف أي مهندس صوت يقبل بأجر لم توافق عليه الشعبة، ما دفع بعضهم إلى البحث عن اللائحة ومَنْ صاغها ومَنْ وافق عليها، لتبدأ سلسلة من الصدمات. الأولى تمثّلت بأنّ القائمة تفتقر إلى توقيع أو لوغو لأي جهة، ما يسهّل التملص منها بعد ذلك وهو ما حصل فعلاً. ثم تكاثرت أسباب غضب السينمائيين من الأمر برمته، أوّلها ظهور اللائحة من دون التنسيق مع أهل الصناعة، أي إنّ المنتجين ومن خلفهم بالتأكيد من يدير الصورة من رجال النظام المصري، وضعوا الأرقام بناء على تصوّراتهم الخاصة ونظراً إلى الحالة الاقتصادية العامة، من دون وضع الطرف الثاني في الاعتبار. وفي اللائحة الأكثر انتشاراً وانتظاماً في الشرح، حُدّد حد أدنى وحد أقصى لأجر كل فني، من مديري تصوير وإضاءة ومهندسي ديكور وغيرهم. وهذا ما دفع البعض للاحتجاج والتأكيد أنّ المنتجين بالطبع سيفرضون الحد الأدنى على الفنان، بينما يحصل على الحد الأقصى أصحاب الحظوة فقط. وبناءً على هذه النقطة، علت صيحات الغضب كون اللوائح المتداولة صنّفت الفنانين، سواءً ممثلين أو سينمائيين أو مؤلفين، إلى ثلاث فئات في البداية، هي: A وB وC، مع ترك مجموعة من الأسماء من دون تصنيف، أي إنّهم يحصلون على الأجور التي يطلبونها بالتفاوض من دون تحديد رقم مسبق. وسرعان ما حملت هذه الفئة رمز +A ، لتبدأ حملة سخرية ورفض واسعة بين السينمائيين حول مَن أقر التصنيف وكيف لاسم أن يكون في فئة أقلّ من زميله، رغم أنّهما يحظيان بالشعبية نفسها. وهناك من تساءل، ما إذا كان فشل العمل في رمضان المقبل سينقل الفنان إلى خانة أدنى؟ كل هذه التساؤلات والهواجس تداولها السينمائيون في جلساتهم الخاصة وعبر فايسبوك، لكن الشعب التابعة لـ «نقابة السينمائيين» تحرّكت قبل النقابة نفسها، وتوالى إصدار بيانات الشجب حتى إنّ بيان «جمعية مؤلفي الدراما» (برئاسة بشير الديك) اعتبرت كأنّ اللائحة «لم تكن».
بيان لـ «نقابة السينمائيين» يطالب بالحفاظ على معدّل 12 ساعة عمل يومياً

تزامن ذلك مع إطلاق مجموعة من المنتجين، أمثال مها سليم وكريم أبو ذكري وأحمد عبد العاطي، بيانات أكدوا فيها أنّ القائمة «وهمية»، والهدف من أي قرارات هو «تنظيم السوق والحفاظ على عجلة الإنتاج»، في إشارة إلى أنّ اللائحة المتبرّأ منها تهدف إلى استمرار دوران الكاميرات، في محاولة لترهيب السينمائيين بأنّ عدم القبول يعني وقف العملية الإنتاجية. أما النتائج العكسية، فتمثّلت في ما لم يتوقعه من يقفون وراء كل ذلك، إذ انتهز الفنانون الفرصة وأعلنوا عن مطالبهم المؤجلة، ليخرج عن «نقابة السينمائيين» بيان يطالب بالحفاظ على معدّل 12 ساعة عمل يومياً، وخفضه إلى المعدّل الطبيعي (8 ساعات) فور انتهاء الأزمة الاقتصادية، بعدما شكا فنانون كثر من استمرار العمل أحياناً لأكثر من 24 ساعة متواصلة، بهدف خفض النفقات. كذلك، طالبت النقابة ربط عدد أيام التصوير بالسيناريو المتعاقد عليه، حتى لا يتم ضغط أيام العمل خلافاً للوارد في النص، وضرورة حصول العاملين في المسلسلات على تأمين صحي. والأهم، وقف التعاقدات لمدّة 10 أيام حتى يتم التأكد من تطبيق الحد الأدنى للأجور أوّلاً، وأنّ أي لوائح جديدة سيتم وضعها قيد التفاوض بين الطرفين من دون أي إملاءات فوقية.



ماذا عن +A؟
فيما انشغل السينمائيون بالتصدّي لـ «لائحة الأجور الجديدة» ومحاولتهم إنقاذ بيئة العمل من سلبيات متراكمة عدّة، ذهب الجمهور لمعرفة كيفية وتفاصيل تصنيف الفنانين في الفئات الأربع:، +A وA وB وC. وُضعت أسماء كريم عبد العزيز وأحمد مكّي (الصورة) وأحمد عزّ وتامر حسني ومحمد رمضان وأحمد حلمي وأحمد السقّا في فئة +A المخصّصة للممثلين، على ألّا يزيد الأجر عن المسلسل الواحد المؤلّف من ثلاثين حلقة عمّا يقرب من 750 ألف دولار أميركي.


على مستوى المخرجين، صعدت للفئة الأعلى كاملة أبو ذكري وتامر محسن وخالد يوسف وبيتر ميمي ومحمد سامي ومحمد ياسين، بأجور تُراوح بين 30 و50 ألف دولار. وفي ما يتعلّق بالمؤلّفين، وُضع ضمن الفئة الأعلى كلّ من: مريم نعوم وعبد الرحيم كمال وتامر حبيب ومحمد دياب، بمتوسّط أجور المخرجين نفسها. أما المفارقة التي لفتت الانتباه، فكانت تحديد اسم مهندس الديكور محمد عطية فقط ليكون المستثنى الوحيد من متوسط أجور زملائه في اللائحة التي تبرّأ منها الجميع فيما اعتبر آخرون أنّها تهدف إلى زيادة حنق الجمهور على النجوم بعد نشر أجورهم التي سيعتبرها «مبالغاً فيها».