لا تزال صورة برمجة الخريف ضبابية لدى غالبية القنوات اللبنانية. هذا الأمر ليس جديداً، إذ تتأخّر القنوات عادة في إطلاق برامجها الجديدة التي تعيدها إلى حلبة المنافسة بعد فترة جمود تبدأ مع عيد الفطر الماضي لتستمرّ طوال أشهر الصيف. لكن لهذه العجلة البطيئة أسباب عدّة، أبرزها دخول البلاد في أزمة مالية واقتصادية هي الأسوأ في تاريخها، إلى جانب الأزمات السياسية المتعاقبة. ورغم الدعم المالي الذي تتلقّاه وسائل الإعلام من الداخل والخارج (الدول الخليجية تحديداً) منعكساً على برامجها السياسية ونشرات أخبارها، إلا أنّها لا تخصّص ميزانية لبرمجتها بحجة الضائقة المالية، فتكتفي ببث برمجة تكاد تكون خالية من أيّ جديد. تتولى مهام تلك المشاريع مجموعة مقدمين يتنقلون من شاشة إلى أخرى، مع إعطاء حصة الأسد للبرامج السياسية التي تقوم غالبيتها على التحريض وتعزيز الانقسام والاستقطاب الحاصل بين اللبنانيين، وخطاب طائفي تحريضيّ يخرج إلى العلن عند كلّ مطبّ سياسي تمرّ به البلاد.
يقدّم طوني أبو جودة برنامجاً ترفيهياً على قناة «الجديد»


تعود كارلا حداد بموسم جديد من برنامج «المسرح The Stage» على lbci

في برمجة الخريف المقبلة، تسير القنوات على الخطى نفسها التي مشت عليها في الأعوام الخمسة الأخيرة. لا جديد يذكر في البرمجة باستثناء بعض المشاريع الجديدة التي تعوّل عليها القنوات، مع فارق واضح يكمن في تعزيز البرامج الترفيهية مقارنةً بالأعوام السابقة. خطوة ربما تعيد المنافسة إلى ذلك النوع من المشاريع بعدما خفّ وهجها بسبب التركيز على الأعمال السياسية.
رغم الصورة العادية التي تطغى على المشاريع المنتظرة، لكن الشاشات تستعدّ لـ «نفضة» في استديواتها، إذ تُطلّ في حلّة جديدة من ناحية الشكل. واللافت هنا أنّ القنوات وسّعت شبكة علاقاتها مع الإعلام الخليجي والعربي، ووقّعت غالبيتها تعاقدات مع عدد من القنوات لإنتاج وتقديم شبكة برامج ينطلق بثها في الخريف.
تحوّلت أروقة «استديو فيزيون» التابعة لـ mtv (النقاش- شمالي بيروت) إلى مركز إعلامي لعدد من القنوات العربية. فقد وقّع رئيس مجلس إدارتها ميشال المرّ، عقود عمل مع عدد من الشاشات العربية لتأجير الاستديوات وإنتاج محتوى إعلامي لها، من بينها «الحرة» والقناة الليبية وغيرهما. كذلك فتحت «الجديد» ذراعيها لمشاريع عدة مع قنوات عربية ومصرية، ستتضح صورتها قريباً.
في المحصلة، بعد صيف طويل تخلله جمود كلّي للبرمجة وعدم بث أي مشاريع، ستنطلق برمجة الخريف في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، وسط توقعات بأن تبدأ وسائل الإعلام ببثّ بروموهات أعمالها في الأسبوعين المقبلين. في هذا السياق، يبدو أنّ التغييرات ستكون واضحة على برمجة mtv الخريفية، وتطال غالبية برامجها الإخبارية والترفيهية. إذ تستعدّ شاشة ميشال المرّ لإطلاق استديو أخبار جديد بمواصفات تقنية عالية تواكب التطور الحاصل في عالم الصورة والبث. ويُجري قسم الأخبار حالياً تدريبات على تقديم النشرات في ظلّ الاستديو الذي خصّص المرّ له ميزانية عالية، على أن تنطلق نشرات الأخبار بحلّتها الجديدة، بدءاً من تشرين الأول (أكتوبر) المقبل.
من ناحية البرمجة، تحافظ القناة على غالبية مشاريعها التي عرضتها في المواسم السابقة من بينها «حديث البلد» لمنى أبو حمزة، و«صار الوقت» لمارسيل غانم الذي تعوّل القناة أهمية على حضوره، هو الذي لا ينفك عن بث خطاب التفرقة. كذلك، يعود هشام حداد ببرنامجه الساخر «كتير هلقد»، وقد ضربت القناة موعداً أوّلياً لعودة البرنامج في الأسبوع الأخير من شهر أيلول (سبتمبر) الحالي مع تعديلات طفيفة من ناحية الفقرات... ليكون المشروع الساخر بمثابة افتتاحية البرمجة الخريفية التي ستتبعه لاحقاً. كذلك تتحضر أنابيلا هلال لموسم جديد من برنامجها «إنت مين» الذي يدور في عالم السوشال ميديا.
في المقابل، تستعد mtv لإطلاق مجموعة صغيرة من البرامج الجديدة من بينها «عنجد» الذي يتولاه جاد بوكرم في أول تجربة تلفزيونية منفردة له كمقدّم، ليحتل الشاشة مرتين في الأسبوع. إذ يرافق هشام حداد في «كتير هلقد»، ولاحقاً يطل منفرداً في «عنجد».
على الضفة الأخرى، تلفت المصادر لنا إلى أنّ قناة المرّ تبحث في تحضير برنامج تتولاه مذيعة نشرة الأخبار نبيلة عواد، لتلتحق بزميلاتها اللواتي انتقلن من عالم نشرات الأخبار إلى تقديم البرامج.
تستعدّ mtv لإطلاق استديو أخبار جديد بمواصفات تقنية عالية


رغم الحركة اللافتة في «استديو فيزيون»، لكنّ الموظفين في القناة اللبنانية يعانون من تراجع قيمة رواتبهم الشهرية. إذ يرفع الموظفون أصواتهم عالياً بعدما قررت إدارة المحطة الاستمرار في دفع 40 في المئة من قيمة الرواتب بالدولار الأميركي، وباقي الراتب بالليرة اللبنانية. بهذه الخطوة، يقضم المرّ الجزء الأكبر من رواتب الموظفين.
على الضفة نفسها، تتأخّر lbci عن غيرها من الشاشات في إطلاق برمجتها الخريفية. إذ تسعى إلى إعادة غالبية برامجها القديمة بحلقات جديدة ستنطلق مبدئياً في منتصف تشرين الأول المقبل، وسط حديث عن برمجة «بائتة» وخالية من أيّ جديد يذكر. إذ يتوقع أن تعود كارلا حداد بحلقات جديدة من برنامج «المسرح The Stage» الذي توجّه فيه تحيّة إلى وجوه فنية فارقت الحياة، تاركةً خلفها إرثاً موسيقياً لافتاً. كذلك، من المحتمل أن يطلّ رودولف هلال في برنامج فني مختلف عن «المجهول»، ولكنّ الأمر لم يُحسم بعد. في المقابل، تستعد الشاشة اللبنانية لتقديم برنامج ساخر سيتولاه محمد دايخ وحسين القاووق في تجربة جديدة مختلفة عن برنامج «تعا قلّو بيزعل» الذي عرض موسمه الأول العام الماضي، لكن لم تتضح صورة مشروعهما الجديد بعد. وتبحث القناة في تولي وسام حنا برنامجاً ترفيهياً يقوم على الألعاب.
على الضفة الأخرى، تحضر قناة «الجديد» لعودة غالبية برامجها القديمة بحلقات جديدة، أبرزها «فوق الـ 18» الذي تتولاه رابعة الزيات. ويعود جورج صليبي ببرنامج «وهلق شو» السياسي. لكن اللافت في برمجة «الجديد» الخريفية، هو انضمام طوني أبو جودة إليها لتقديم برنامج ترفيهي. فقد وجد الممثل والكوميدي اللبناني فرصته ليطل على الشاشة الصغيرة ضمن عمل من المتوقع أن يكون لافتاً للانتباه.

يطلّ محمد دايخ وحسين القاووق في تجربة جديدة على lbci


من جانبها، يمكن القول إن قناة NBN تشهد أسوأ فترة مرّت عليها منذ تأسيسها في تسعينيات القرن الماضي. حالة فوضى تعمّ أرجاءها، تتمثّل في غياب أيّ برامج جديدة في الخريف، بسبب الأزمة المالية الخانقة التي تمرّ بها وأدّت إلى استقالات في الأشهر القليلة الماضية. في السياق نفسه، لا يبدو أنّ OTV تحمل برمجة لافتة في الخريف، بل ستكون غالبيتها سياسية بامتياز بعدما قررت إدارة الشاشة تحويلها في السنوات الأخيرة من شاشة ترفيهية إخبارية إلى إخبارية محض.
في المحصّلة، تستعدّ القنوات لإطلاق ما في جعبتها من أعمال تلفزيونية متنوعة، لكن يبدو أن البرامج السياسية ستتصدّر الواجهة في الفترة المقبلة، لمواكبة حالة الغليان واللااستقرار المسيطرة على المشهد منذ وقت طويل.



جاد بعيداً عن هشام
لم يكن نجاح برنامج «لهون وبس» طوال ثمانية مواسم متتالية على lbci، بفضل هشام حداد فقط، فجاد بو كرم كان ضمن الفريق الأساسي الذي ظهر على الشاشة مع حداد منذ الحلقة الأولى حتى نهاية العمل. كان جاد يقود الفرقة الموسيقية التي رافقت المقدّم، واشترك معه في تقديم نكات ساخرة طعّمت أجواء الحلقة.
لم يكتف الممثل والكوميدي بحضوره مع حداد في الشاشة التي يديرها بيار الضاهر، بل انتقل أيضاً مع زميله العام الماضي إلى mtv لمرافقته في برنامج «كتير هلقد».
في برمجة الخريف المنتظرة، يبدو أن بو كرم سيشهد نقلة في مسيرته الإعلامية بعدما أعلن عن توليه برنامجاً بعنوان «عنجد» سينطلق بثه في تشرين الأول المقبل على mtv.
رغم أن الممثل والكوميدي اللبناني خاض سابقاً تجارب في تقديم برنامج منفرد على قناة «الآن» الإماراتية، لكنه للمرة الأولى يطل منفرداً على شاشة لبنانية، بعيداً عن حداد.
في هذا السياق، يقول جاد بو كرم في حديث معنا إن ««عنجد» سينطلق في تشرين الأول، يشاركه في تقديمه يارا بو منصف وأنطوني حموي. ويلفت إلى أنّ البرنامج يصنّف ضمن خانة «لايت» كوميدي، يستقبل في كل حلقة ضيفين من مجالات متنوعة، وهو أشبه بحوار يقوم على إقناع المشاهد بمعلومة ضمن ما يمكن تصنيفه بأنه «فايك نيوز». وعن استمرار عمله مع حداد، يلفت إلى أنّه باق في «كتير هلقد»، لتكون إطلالته مرتين أسبوعياً، الأولى إلى جانب هشام والثانية في «عنجد».