يبدو أن برمجة قناة «الجديد» ستكون تحت الأضواء في الخريف الحالي. بعد التكتّم الشديد الذي فرضته الشاشة اللبنانية منعاً لتسريب أخبار تتعلق بتعاونها مع شاشات عربية وخليجية، خرجت إلى العلن صورة تلك التعاقدات التي تطرح علامات استفهام كبيرة حول مستقبل القناة وسياستها التحريرية.بعد فترة جمود عاشتها «الجديد» في الأعوام الأخيرة، أدّت إلى إنتاجات ضعيفة ورواتب موظفين متدنية، تشهد أروقة المحطة زحمة لافتة هذه الأيام، إذ تعكف على تحضير وتصوير باقة من البرامج التلفزيونية. هذه الحركة جاءت نتيجة عقود إنتاجية وقّعها رئيس مجلس إدارتها تحسين خياط مع قنوات عربية وخليجية، على أن تُترجم قريباً بمجموعة برامج تعرضها القناة، تزامناً مع بثها على تلك الوسائل الإعلامية.

(نهاد علم الدين)

في هذا الإطار، تكشف المعلومات لنا أنّ «الجديد» عادت إلى تفعيل تعاونها مع «دويتشه فيله» الألمانية (DW) بعدما وضعت الشبكة الألمانية الناطقة بالعربية، فيتو عام 2021 على مجموعة من موظفيها وباقة من القنوات (من بينها «الجديد» اللبنانية و«رؤيا» الأردنية ووسائل إعلام فلسطينية) التي كانت تتعاقد معها، بحجة تقارير وريبورتاجات بثتها هذه المنابر تدعم القضية الفلسطينية. لكنّ القناة الألمانية ادّعت أنّها تروّج لـ «معاداة السامية» (الأخبار 6/1/2021)... شماعة استعملتها DW دفاعاً عن سياستها المنحازة للعدو الإسرائيلي، ونتج عنها صرف موظفين لبنانيين وعرب على رأسهم باسل العريضي الذي كان يشغل منصب مدير مكتب القناة الألمانية في بيروت. يومها، أقدمت الشاشة الألمانية التي ترفع لواء الحريات الإعلامية وحرية الرأي والتعبير وتدأب على إقامة ورشات لتعليم الصحافيين «أصول المهنة»، على إجراء حملة تطهير لكل موظّف لديها أعلن عن عدائه للصهيونية وتأييده للقضية الفلسطينية عبر صفحاته الافتراضية، حتى لو جاء موقف قبل انضمامه إلى المحطة الألمانية بسنوات عدة. بعد هذه الهمروجة، أعادت الشبكة الألمانية فتح مكتبها في بيروت كأن شيئاً لم يكن، وعيّنت مديراً لبنانياً له بعدما وافق على شروط التقدّم للوظيفة على رأسها «أن يعترف الصحافي بحقّ إسرائيل في الوجود، ولا يكون معادياً للسامية». هكذا، جمّدت DW تعاونها مع قنوات عربية وخلطت أوراقها في بعض البلاد العربية، لكن اللافت أن «الجديد» عادت وفعّلت تعاونها مع القناة الألمانية بمجموعة برامج صورت أخيراً في بيروت وتتناول قضايا اجتماعية. وتلفت المصادر إلى أنّ القناة اللبنانية هي الوحيدة التي عاودت العمل مع الشبكة الألمانية، بينما الشاشات العربية الأخرى لم تُقدم على ذلك مجدداً. بهذه الخطوة، تكون القناة اللبنانية قد انصاعت لشروط الشبكة الألمانية المتأسرلة في غياب أي رادع أخلاقي ومهني وإنساني.
علامات استفهام كبيرة حول مستقبل القناة وسياستها التحريرية


في المقابل، تلفت المعلومات لنا إلى أنّ «الجديد» وسّعت شبكة تعاقدها مع شاشات عربية، ووقعت عقداً مع قناة «الغد» المصرية التي افتتحت أخيراً مكتباً لها في بيروت. ونتج عن ذلك التعاون تبادل بعض الوجوه بين القناتين، من بينها انتقال المقدم سامي كليب من «الجديد» إلى الشاشة المصرية لتقديم برنامج سياسي عربي. كما صوِّرت حزمة من البرامج الفنية والترفيهية ستعرض في الأسابيع المقبلة. كذلك، وقعت المحطة اللبنانية عقداً مع قناة «الفجيرة» الإماراتية تُنتج بموجبه بعض البرامج الفنية والترفيهية أيضاً.
بهذه الخطوة تكون «الجديد» مدّت أذرعها الإعلامية لإنتاج برامج على مختلف الجبهات الإعلامية وستكون حاضرة في المنافسة الخريفية. لكن تلك التعاقدات لن تكون بريئة، وستنعكس على سياسة القناة التحريرية من نشرات الأخبار والبرامج كافة. ومن المتوقع طبعاً انخفاض سقف الحرية في القناة، بل ولادة مشاريع ترمي إلى تلميع صورة الطبقة الحاكمة في مصر والخليج، ناهيك بتجنّب المحطة خوض أي معركة إعلامية ضد العدو الإسرائيلي، درءاً لأي فيتو قد تضعه عليها القناة الألمانية في الفترة القريبة المقبلة، ما قد يؤدي إلى فضّ شراكتها معها.