تونس | أكثر من عشرين صحافياً ترشّحوا لمؤتمر «النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين» الذي يُقام يومي الجمعة والسبت المقبلين، وينتخب هيئة جديدة للنقابة التي يرأسها مهدي الجلاصي والمؤلّفة من تسعة أعضاء. ينعقد المؤتمر في ظرف سياسي دقيق وصعوبات ومشكلات عدّة يعانيها الصحافيون في بعض المؤسسات العامة (تملك الدولة غالبية الأسهم في رؤوس أموالها)، مثل «سنيب لابراس» التي تُصدر يوميتين، إحداهما بالفرنسية (منذ ثلاثينيات القرن الماضي) والثانية بالعربية (تصدر منذ حوالي 35 عاماً). وهناك أيضاً المؤسسات المصادرة مثل إذاعتي «شمس أف أم» و«الزيتونة» و«دار الصباح» التي تأسست في مطلع خمسينيات القرن الماضي وتصدر يوميتين أيضاً بالعربية والفرنسية.لا تقتصر مشكلات الصحافيين على هذه المؤسسات، إذ تعيش معظم المؤسسات الخاصة من صحف وإذاعات وفضائيات صعوبات مالية انعكست على صرف الأجور ودفع مستحقات العاملين فيها وضمان التغطية الصحية والاجتماعية (صندوق التقاعد)، وسط تمنّع الدولة عن تقديم أي دعم للقطاع الإعلامي.


وليس الملف الاجتماعي فقط الذي سيلقي بظلاله على المؤتمر الذي يتوقّع أن يشهد الكثير من التوتّر، بل الوضع السياسي في البلاد أيضاً، ولا سيّما ملاحقة عدد من الصحافيين (خليفة القاسمي (مسجون)، محمد بوغلاب، زياد الهاني، نزار البهلول، منية العرفاوي، وغيرهم)، بالإضافة إلى المرسوم رقم 54 الذي وضعته «النقابة الوطنية للصحافيين» في إطار «تكميم الأفواه واستهداف حرية الأعلام».
لم تحقّق الهيئة الحالية أي مكسب خلال ثلاث سنوات، بل يتهمها عدد كبير من الصحافيين بالاصطفاف السياسي وجرّ أهل الإعلام إلى معارك سياسية لا تخصّهم، وبعدم السعي لفتح أي ملف اجتماعي أو مهني في مقابل الانغماس في المعركة مع السلطة والاصطفاف وراء المعارضة في الوقت الذي يفترض فيه أن تنأى بنفسها عن هذا كلّه.
وممّا يُعاب أيضاً على مكتب النقابة فتح المقرّ لقناة «الجزيرة» القطرية للبث من تونس، في الوقت الذي أغلقت فيه السلطة مكتبها بعد 25 تموز (يوليو) 2021، واتهامها بلعب دور تحريضي يستهدف استقرار البلاد. ويعتبر عدد من الصحافيين الذين يعارضون سياسة المكتب أنّ بث «الجزيرة» المناصرة للإخوان المسلمين وحلفائهم في تونس من مقر النقابة، هو دليل واضح على موقفه السياسي. ويُتوقّع أن تكون هذه النقطة محوراً أساسياً في النقاش الذي سيشهده المؤتمر.
ورغم الحصيلة الضعيفة للمكتب الذي تنتهي ولايته غداً الخميس، جدّد عدد من أعضائه ترشّحهم لدورة جديدة، معوّلين على أصوات الشباب، وخصوصاً بعد انسحاب معظم «شيوخ» المهنة الذين عبّروا عن عدم رضاهم عن المسار الذي اتخذته النقابة منذ 2011، وتحديداً خلال ولاية الهيئة الحالية التي يعتبرون أنّها أهملت الملفات المهنية والاجتماعية وانغمست في الصراعات السياسية.