تتواصل المعركة الإعلامية وتزداد شراسةً مع خسارة العدو الصهيوني معركة الرأي العام إثر انتشار صور الفظاعات والتصريحات العنصرية لقادة الاحتلال بحقّ الفلسطينيين. بدا واضحاً أنّ الكيان العبري يواجه مأزق «الصورة» الذي لم تنتشله منه الإعلانات المدفوعة التي نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي لخدمة سرديّته في حربه على قطاع غزّة. هكذا، انتقل إلى إستراتيجية القمع الإلكتروني واستهداف الصحافيين وترهيبهم. أول من أمس، أغلقت شركة «ميتا»، حساب Eye on Palestine على منصة إنستغرام التابعة لها. قرار شكّل صدمةً لملايين متابعي الصفحة المتخصّصة في نشر محتوى يظهر وحشية «جيش» العدو الإسرائيلي وعنصريته ضد الشعب الفلسطيني الأعزل والمحاصر والمحروم من الماء والغذاء والكهرباء والوقود منذ 20 يوماً. يحدث ذلك بالتوازي مع استهداف العدو الصحافيين وعائلاتهم في غزة، في تطوّر قاتم للأحداث يوحي بأن قراراً قد اتُّخذ بمنع تصوير ما يحدث داخل القطاع أو نشره. على المذبحة أن تحدث في العتمة.
تميّز حساب «عين على فلسطين» بالانخراط الفعّال في معركة الوعي ومخاطبة الرأي العام الغربي

أثار إغلاق منصّة Eye.on.Palestine موجة سخط عارمة من الناشطين، الذين صارت منصة X ملجأً لهم لكتابة لو سطرٍ واحدٍ عن عائلات أُبيدت بالكامل، بالإضافة إلى إخبار العالم عما يتعرضون له من قمع رقميّ يُنزله عليهم مؤسِّس شركة «ميتا»، المتلصص والحقير الأكبر، مارك زاكربيرغ، ذو التاريخ الحافل بقمع أي مصطلح يتعلق بالمقاومة أو بالقضية الفلسطينية منذ سنوات عدة.
من جانبه، ادّعى المتحدث باسم «ميتا»، آندي ستون، إن الشركة أغلقت الحساب بعد اكتشاف محاولة اختراق سيبراني محتملة. وقال إن الشركة المالكة لفايسبوك وإنستغرام وواتساب وثريدز، تحاول الوصول إلى أصحاب الحساب، مضيفاً «لم نقم بتعطيل هذه الحسابات بسبب أي محتوى كانوا يشاركونه». هذه الحجة، الواضح أنّها كذبة، لا تنفع بعد تعذّر الوصول إلى الحساب الاحتياطي للصفحة Eye.on.palestine2 يوم الأربعاء، إلى جانب حساباتها على فايسبوك وثريدز. أي إن إغلاق حسابات الصفحة كلها أتى بأمر مباشر، خصوصاً أنّ حساب «عين على فلسطين» يتمتع بحيثية كبيرة، وينشر فيديواته بلغات عدة، إلى جانب تميّزه منذ اليوم الأول لعملية «طوفان الأقصى» بالمواكبة النشطة والانخراط الفعّال في معركة الوعي ومخاطبة الرأي العام الغربي.
في هذا السياق، أعرب المؤثر الشهير على منصة X، جاكسون هينكل، عن استيائه مما حدث، قائلاً «لقد حظرت منصة زاكربيرغ حساب Eye.on.Palestine على إنستغرام الذي يملك أكثر من ستّة ملايين متابع! يذكّرني هذا عندما حظروا جميع الأخبار الروسية في بداية حرب أوكرانيا». فعلاً، يحاول الصهاينة منع مشاهد الإبادة الجماعية والقتل والدمار التي تقوم بها آلة الموت الإسرائيلية. إذ استشهد، مساء الأربعاء، عدد من أفراد عائلة مراسل قناة «الجزيرة»، وائل الدحدوح، بمن فيهم زوجته وابنه وابنته وحفيده جراء قصف إسرائيلي استهدف مجمعاً سكنياً لجؤوا إليه في وسط قطاع غزة (راجع مقال الزميلة زكية الديراني). كذلك، استشهد أفراد من عائلة الصحافي محمد الفرا في قصف إسرائيلي استهدف منزلهم في قطاع غزة، حيث فقد شقيقته وزوجها وأولادهم.
يعلم قادة الصهاينة قوة منصات التواصل في الوصول إلى الفئات الشابة حول العالم، ومنصات ميتا المختلفة تحوي أكثر من ثلاثة مليارات مستخدم، بالتالي، عبر انصياع زاكربيرغ لمطالب جيش العدو، هو يشارك شخصياً في الحرب على غزة وفي قتل أكثر من مليوني شخص داخل القطاع وتشريدهم. مع ذلك، إسرائيل تخسر كل يوم الصورة التي عملت سنوات على ترويجها وتصديرها بأنّها «واحة الديموقراطية» في الشرق. وكما عرّت عملية «طوفان الأقصى» صورة إسرائيل كاشفةً عنصريّتها وبشاعتها، فإنّها عرّت أيضاً الديموقراطيات الاستعمارية وتشدّقها بحرية الرأي والتعبير وحقوق الإنسان!