أمس الجمعة، دخلت المعركة القانونية بين جنوب أفريقيا وإسرائيل يومها الثاني. قدّم الممثلون الرئيسيّون عن كيان الاحتلال حججهم في جلسة الاستماع المتعلّقة بتصرفات الصهاينة في غزة. وألقى كبير المحامين والمستشار القانوني لـ «وزارة الخارجية» الإسرائيلية، تال بيكر، كلمة البيان الافتتاحي، موضحاً وجهة النظر الإسرائيلية القانونية أمام الاتهامات.
(كارلوس لطوف ــ البرازيل)

وكانت جنوب أفريقيا قد رفعت الشهر الماضي شكوى إلى محكمة العدل الدولية ومقرها في لاهاي، قالت فيها إنّ إسرائيل تنتهك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها الموقّعة في عام 1948 على إثر المحرقة اليهودية في الحرب العالمية الثانية. وتطمح جنوب أفريقيا إلى فرض المحكمة «إجراءات موقتة»، وهي أوامر قضائية عاجلة توقف الحرب فوراً فيما تنظر في جوهر القضية، ما قد يستغرق سنوات.
هنا، تجدر الإشارة إلى أنّ الإعلام الغربي مارس سياسة النعامة في ما يتعلّق بمجريات المحكمة. أوّل من أمس الخميس، امتنعت قنوات «فوكس نيوز» و«سكاي نيوز» و«هيئة الإذاعة البريطانية» و«دويتشه فيليه» وNBC و«سي. أن. أن» وMSNBC وCNBC وCBS عن عرض مرافعة جنوب أفريقيا التي تفضح أفعال ونيات الإبادة الإسرائيلية في غزة منذ أكثر من مئة يوم. لكن في المقابل، عمدت قناة «سكاي نيوز» وصحيفة «ذا غارديان» البريطانيتان مثلاً إلى نشر البثّ المباشر للدفاع الإسرائيلي ضد اتهامه بالإبادة الجماعية في محكمة العدل الدولية.
بالعودة إلى قاعة المحكمة، حاولت إسرائيل ردّ التهمة عبر الدفع بسردية أنّ تصرفاتها في غزة «دفاع عن النفس»، رداً على هجوم «حماس» في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. ووفقاً لبيكر، فإنّ كامل حجج جنوب أفريقيا «تستند إلى وصف يتعمّد إخراج الأمور من سياقها والتلاعب بحقيقة الأعمال القتالية الحالية»، مشدداً على أنّ إسرائيل «لا تسعى لتدمير» الشعب الفلسطيني. وبعد العرض الذي قدمه بيكر، تحدث البروفيسور وخبير القانون الدولي في جامعة «ليستر»، مالكوم شو، متابعاً الدفاع القانوني لإسرائيل ضد اتهامات جنوب أفريقيا بارتكاب جرائم إبادة جماعية. لكن بمعزل عن ذلك، بدت إسرائيل ضعيفة أمام المحكمة. عملياً، أظهر المحامون أنّ الاحتلال لا يملك سلطة على قوّاته المسلّحة، وأنّ أداءه لا يعكس أوامر القادة السياسيين. كذلك، بدا واضحاً أنّهم يكررون سردية الحكومة الإسرائيلية، محاولين إنكار فيديوات محادثات وخطابات المسؤولين الإسرائيليين الذين وصفوا شعب غزة بـ «الحيوانات البشرية»، ناهيك بمالكوم شو الذي كان متخبّطاً أثناء المطالعة، وذكر علناً أنّه أضاع ورقة من ملفاته، الأمر الذي تحول سريعاً إلى نكات و«ميمز» على منصات التواصل الاجتماعي، لعلّ أبرزها صورة لشو مقرونة بعبارة: «محامي إسرائيل أضاع ورقة من ملفاته بالإضافة إلى كرامته». وكان لافتاً أمس وأول من أمس استعادة السوشال ميديا، وخصوصاً نشر الفيديوات التي نشرها الجنود الصهاينة على تيك توك، حيث كانوا في منازل الغزيين التي دمّروها يستعرضون «عضلاتهم» وسعادتهم بكل الخراب الذي ألحقوه بالبشر والحجر. وكانت تعليقات كثيرين كيف أنّ هذه الفيديوات التي انتشرت لاستفزاز الفلسطينيين والمناصرين للقضية وبثّ إحساس الهزيمة في نفوسهم، تحوّلت إلى دليل ووثيقة تثبت النيّة الإبادية وغريزة الثأر التي تحرّك هؤلاء من كبيرهم السفّاح نتنياهو إلى أصغر جندي في جيش جبان يستقوي على المدنيين!