في أحد مشاهد مسلسل «نعمة الأفوكاتو»، تدخل البطلة نعمة سعيد أبو علب على زوجها صلاح الذي لقبته بـ «جوز سارة»، وزوجته الجديدة ولقبها «سارة مكاتب» وتتحدث بلغة غير مفهومة، فتثير دهشة الثنائي المرتعب من كون نعمة عادت من الموت بعدما دفناها في مقبرة. تحلّ نعمة نفسها اللغز، وتكشف لهما أنها تتكلم الصينية. أما الجملة، فتحمل سباباً لهما. المتفرّج المستهدف للتسلية هنا، سيضحك على الموقف بالطبع، وربما يحفظ السباب بالصيني (كرّرته لاحقاً بالياباني) ويمازح به أصدقاءه. لكنّ المتفرج المحترف غير المستهدف أصلاً من المخرج محمد سامي، سيتساءل: هل تعرف نعمة أصلاً اللغة الصينية؟ هل تجيدها أم تحفظ فقط جملة السباب التي رمتها في وجه زوجها وضرّتها؟ تلك الأسئلة لا مجال لها في دراما محمد سامي إن صحّ وصف ما يقدمه المخرج المثير للجدل في الدراما من الأساس.
مي عمر في المسلسل

باختصار، يقدّم سامي «شو» يستهدف منذ البداية منصات التواصل الاجتماعي والجمهور غير المحترف الذي يتابع تلك المسلسلات، وهو في المطبخ يعدّ طعام الإفطار أو يستلقي على المقعد يتسلّى انتظاراً للسحور. غير ذلك، فإن أي إعمال للعقل سيجهد صاحبه إذا قرر المشاهدة، وسيكون هو الملام لأنّ سامي لم يخالف طريقته أبداً، بالتالي فمن شاهد مسلسلات «الأسطورة» و«البرنس» و«جعفر العمدة» وكلهم لمحمد رمضان، لن يجد في «نعمة الأفوكاتو» إلا نسخة نسائية منها لا تعتمد على قدرات تمثيلية لفريق العمل، وإنما على تجسيد تصديقه للمبالغات التي كتبها سامي وشريكه مهاب طارق وتقديمها من دون أسئلة.
المسلسل الذي يصوّر لنا رحلة انتقام نعمة من زوجها، قدمها في البداية شخصيةً شديدة المثالية. «بنت أبوها» مؤمنة بمبادئه، كسبت عشرة ملايين جنيه من قضية، وهي المحامية التي تتخذ من المقهى مكتباً لها بحثاً عن زبائن أكثر، لكنّها تقرّر منح زوجها ثمانين في المئة من المبلغ، حتى لا يشعر أنه أقل منها، وتوزّع الباقي على آخرين. إنها شديدة العطاء ولاحقاً شديدة البأس، تُفاجأ بخيانة زوجها بعد ثرائه الذي كان لها الفضل فيه. حتى إنّ زوجته الجديدة «سارة مكاتب» تقتلها، ويقرّران دفنها، ويقتلان مساعدها الطيب لأنه الشاهد الوحيد على الجريمة، ثم يفاجأ الجميع ـــ ما عدا الجمهور طبعاً ـــ بأنّ نعمة على قيد الحياة، إذ أصابتها الضربة بإغماءة فقط وخرجت من القبر حيةً.
مشاهد التشفّي وإلقاء الرعب في قلوب الأشرار تجدها على منصة يوتيوب موزّعة على حسابات مي عمر وأحمد زاهر (صلاح) والشركة المنتجة بهدف جمع أكبر قدر من الدخل الدولاري. متوسط مدة معظم المشاهد، لا يقل عن خمس دقائق في إشارة واضحة إلى أننا لسنا أمام مسلسل درامي يعتمد على سرعة الإيقاع، بل على مواقف أقرب إلى الحشو المعدّ مسبقاً تحت عناوين جذابة يمكن أن يشاهدها المتفرج منفصلةً من دون الحاجة إلى متابعة الحدث منذ البداية. مشاهد مطوّلة يمكن أيضاً أن تستمع إليها من دون إجهاد العين لأن سامي لا يهتم بالكادرات والديكورات، بل يتعمّد إخفاء الخلفيات والتركيز على وجوه الممثلين في المعارك الكلامية المستمرة بينهم. المهم هو أن يرى الجمهور نذالة الزوج، وانحطاط أخلاق الضرّة، وبأس نعمة في الانتقام، وحرصها على رد الجميل، وصولاً إلى انتصار الخير في النهاية وهزيمة الدراما في كل مشهد.

* «نعمة الأفوكاتو»: س:22:00 بتوقيت بيروت على «أم. بي. سي مصر»