بنـدر إلى واشـنطن ومسـاعدوه إلى طهـران ونقـاش على حـل من 3 بنـود وعـون يقـاطع السـنيورة
أجهز الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله على مشروع الفتنة من جانب المعارضة. وبعد تأكيد العماد ميشال عون الرفض المطلق لاستجابة دعوات فريق السلطة الى حرب أهلية، أعلن نصر الله حرمة اللجوء الى القتال الداخلي. وتوجه الى عائلات الذين قتلوا الخميس الماضي بأن «ثأرنا لن يكون من أحد الذين نعيش معهم في لبنان ولن نأخذه من هؤلاء الأدوات والعبيد بل من سادتهم».
وجاءت هذه المواقف في ظل مجموعة من التطورات التي سجلت خلال الساعات الـ36 الماضية وتركزت على الآتي:
اولاً: على صعيد المبادرات الخارجية، علم أن إيران والسعودية اتفقتا على تأليف لجنة مشتركة تضم معاونين اثنين لكل من علي لاريجاني وبندر بن سلطان الذي توجه الى الولايات المتحدة الاميركية في زيارة عاجلة، وأُبلغ قادة في بيروت بجانب من فحوى هذه الاتصالات التي تركز على مشروع حل ينطلق من مبادرة الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى.
وقال الرئيس نبيه بري لـ«الأخبار» إنه اكثر تفاؤلاً من السابق لكنه اكثر حذراً، وهو يرى في نهاية النفق ما هو اكبر من ضوء، لكنه يخشى أن يعمل البعض على عدم توسيع دائرته. وأكد في المقابل ان المعارضة على مواقفها وأن محاولة الاعتداء على المعتصمين في وسط بيروت سوف تكون امراً كارثياً.
وحسب مرجع سياسي متابع لهذه الاتصالات، فإن الشق المتعلق بالعلاقات السعودية ــــــ السورية تتولاه مرجعيات عدة بينها إيران وقطر، وان الرئيس المصري حسني مبارك يتابع الامر بواسطة مدير المخابرات المصرية عمر سليمان الذي زار السعودية واطلع على تفاصيل المحادثات مع إيران، كما ان طهران حصلت على دعم سوري لأي مبادرة تقبل بها القوى اللبنانية الحليفة لها.
وقال المرجع إنه في ما يخص الشق المحلي من الأزمة يدور البحث الآن حول ثلاثة ملفات: المحكمة الدولية حيث تريد الأكثرية ضمانات بأن رئاستي الجمهورية والمجلس النيابي لن تعرقلا إقرار ما يتفق عليه في مجلس الوزراء داخل المجلس النيابي، وأن لجنة مشتركة من المعارضة والموالاة سوف تدرس الملاحظات التي يجب أن تقر في وقت متزامن مع تأليف الحكومة الجديدة. وفي هذه النقطة ثمة توافق على منح المعارضة الثلث الضامن مع ضمانات كاملة بأن لا يصار الى استخدامه لأجل تعطيل السلطة، إلا ان الازمة تظل منحصرة في البند المتعلق بالانتخابات النيابية وبالقانون المفترض إقراره، حيث يريد فريق 14 آذار حلاً يضمن توافقاً كاملاً على الانتخابات الرئاسية قبل إقرار القانون الانتخابي وتحديد موعد جديد للانتخابات النيابية.
وعلمت «الأخبار» أن الأمين العام للجامعة العربية ينتظر معلومات مفصلة عما يحصل في طهران التي توجه إليها امس مساعدون لبندر بن سلطان وأنه يرتقب حصوله على معلومات قبل الخميس المقبل حتى يقرر موعد عودته الى بيروت.
وأبدى السفير السعودي في بيروت عبد العزيز خوجة ارتياحه للمواقف التي صدرت عن السيد نصر الله مساء أمس ودعا فيها الى عدم الانجرار الى الفتنة المذهبية وقال لـ“الأخبار”: “إني مسرور جداً بهذه المواقف التي تشجع كثيراً على الوصول الى حل للأزمة”. وأشار الى أن نجاح المساعي “مرهون بمرونة مواقف الاطراف المعنية”.
وعلم أن بري عندما قال إنه «أكثر تفاؤلاً من ذي قبل لم يكن ذلك على سبيل دغدغة مشاعر الناس وإنما يستند الى معطيات إيجابية عن المساعي السعودية ـــــ الايرانية وللتأكيد ان هذه المساعي لم تصل الى طريق مسدود وأن التواصل يومي بين الجانبين مما يطمئن الى أن الوضع اللبناني ليس متروكاً”.
ثانياً: في ملف الاتصالات الداخلية، يبدو أن الرئيس فؤاد السنيورة قرر استثمار المناخ الذي برز في مؤتمر باريس ــــــ3 وانه يريد اتصالات مع الآخرين من دون شروط. وهو لم يتوصل مع الرئيس بري الى اي اتفاق على اجتماع ثنائي كما هي الحال مع الرئيس إميل لحود، علماً بأن الاتصالات بين السنيورة وحزب الله مقطوعة تماماً، فيما رفض العماد عون الرد على اتصال من رئيس الحكومة كما رفض استقبال موفد منه. وقال عون لـ«الأخبار» إنه لا داعي لاتصالات مع شخص لا يعترف أصلاً بنا ثم يعمد إلى الاتصال بنا. ولا نرى داعياً لأن نحاور من لا يريد الإصغاء الى صوت نصف الشعب الذين تظاهروا أمام مكتبه.
ثالثاً: في الملف الامني ــــــ السياسي، أبلغت قوى المعارضة فريق السلطة، ولا سيما أجهزته الامنية، أن أي محاولة من جانب فريق 14 آذار للاعتداء على المعتصمين وسط بيروت لن تواجه بهدوء، وأن الموجودين هناك لن يخرجوا إلا بعد تحقيق المطالب، ومن أراد قلعهم بالقوة والنار فليفعل ذلك وليتحمل المسؤولية.
وبعدما ارسل الجيش تعزيزات الى المدخل الشرقي ــــــ الشمالي لساحة الشهداء، وعزز الجيش وسرية حرس المجلس النيابي الإجراءات في المداخل الاخرى وتلك المؤدية الى ساحة رياض الصلح، أرسلت تعزيزات من المعتصمين مع جرافات وشاحنات تحمل كميات كبيرة من الصخور، وهو ما فهمه فريق السلطة بأن المعارضة لن تواجه بالسلاح لكن رد فعلها سوف يكون قاسياً.
وقد تولى المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء اشرف ريفي تنسيق الاتصالات بين قيادة المعارضة وفريق السلطة ونقل تحذيرات وتخوفاً أمنياً من أن أي صدام سوف يؤدي الى مضاعفات لا يستطيع أحد السيطرة عليها، وان كل الوسط التجاري سوف يكون عرضة لعملية إحراق وتخريب غير مسبوقة.
أما النائب وليد حنبلاط وقائد القوات سمير جعجع فقد حرضا تيار «المستقبل» على خوض مواجهة تحت عنوان «تحرير ضريح الرئيس الشهيد وساحات بيروت من الغرباء»، وهو الأمر الذي ترافق مع استعدادات ميدانية من جانب عناصر تابعة لجنبلاط وجعجع.
وحذر رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد أنصار السلطة من التظاهر قرب مكان اعتصام المعارضة في وسط بيروت. وتوجهً إليهم قائلاً: «تريدون أن تتظاهروا هناك شوارع كثيرة في البلد، لكن التجمع أو التظاهر في أمكنة قريبة من الاعتصام القائم في وسط بيروت هو إشعال للفتنة وللتقاتل الداخلي».
رابعاً: على مستوى التحقيقات الجارية في أحداث الخميس الماضي، أبلغ مسؤول امني رفيع «الأخبار» أن الاجهزة الامنية المعنية أعدّت قوائم كاملة تتضمن أسماء وعناوين كل الذين تورطوا في أعمال الشغب وإطلاق النار على المواطنين أو على العسكريين، وسوف يتم إحضارهم تباعاً وخلال الساعات الـ48 المقبلة الى مقر الشرطة العسكرية للتحقيق وإحالتهم الى القضاء العسكري المختص. ويبدو أن اللائحة طويلة وتشمل عناصر من جميع القوى التي تورطت في المواجهات ولا سيما الذين ظهرت صورهم في وسائل الاعلام والذين ينتمون الى قوى السلطة.
نصر الله
وكان السيد نصر الله قد أطل امس بعد غياب استمر ثلاثة أيام عن جمهور المجالس العاشورائية. وأكد استمرار المعارضة في معركة الإصلاح الداخلي كما اكد من جهة ثانية على جهوزية المقاومة في وجه إسرائيل. ولفت الى المعلومات الاميركية عن قرار الرئيس جورج بوش تنفيذ عمليات ضد حزب الله في لبنان، وقال إن الحزب لن يقف مكتوف الايدي أمام هذه المحاولات.
وفي مقاربة الأحداث الأخيرة قال نصر الله «نحن لم نطرح عملاً تغييرياً ولا انقلابياً، ونريد مشاركة في حكم البلاد ونريد أن نصل الى هدفنا بكل الوسائل السلمية والمدنية، ولدينا خط أحمر هو الفتنة الطائفية والمذهبية، وقلت لكم مبكراً إن فريق السلطة سيصل الى مرحلة يجد نفسه عاجزاً فيها ولن يكون أمامه إلا التمترس خلف الطائفة السنية ويعمل لأجل فتنة في لبنان».
وقال: «إن أقطاباً من فريق السلطة يعملون من أجل الفتنة بين السنة والشيعة خدمة لإسرائيل. ونحن أوقفنا التحرك الثلاثاء بعدما تأكدنا من خلال المعطيات أن هناك من يريد دفع البلاد نحو فتنة. ولكن نُصب الكمين الخميس واختيرت الجامعة العربية لأن هناك طلاباً من السنة والشيعة، وكان الهدف أن نجر الى القتال». ودعا الى «تأليف لجنة من علماء السنة والشيعة لكي تأتي بالمسؤولين عن جريمة الخميس لأجل إعدامهم».
وتوجه نصر الله الى من سمّاه الجمهور الغاضب قائلاً: «يحرم أن يلجأ أي واحد منا الى أخذ ثأره بيده او الى ردود فعل تؤدي الى فتنة، لأنه كان هناك مخطط لجر المقاومة الى صراع داخلي» وقال: «لن نذهب الى الفتنة ولن نستسلم، ولن نترك لهم أن يفسدوا ويسرقوا ويظلموا هذا البلد، وسوف ننتصر بالصبر ومن دون سلاح».