لم يتأخر رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير في الالتحاق بحليفه الرئيس الأميركي جورج بوش في البيت الأبيض، ليستوضح منه ماهية التقرير التي أصدرته مجموعة الدراسات حول العراق، التي قدم لها شهادته الشهر الماضي، لعلّه يستأنس بمصائب بوش التي قد تنسيه مصائبه في بريطانيا، حيث يعاني وضعاً سيئاً يربط مصيره بالخطوات الأميركية المقبلة، وخاصة في ظل الموقف التابع الذي انتهجه مع سيد البيت الأبيض في العراق، والذي سيظل، بالتالي، قائماً مع أي سقوط أميركي في هذا البلد (التفاصيل).إلا أن بوش رفض أمس، في حضور حليفه البريطاني القلق، بعض التوصيات الحاسمة في تقرير المجموعة، التي يرأسها وزير الخارجية الأميركية الأسبق جيمس بيكر والنائب الديموقراطي السابق لي هاميلتون، لإجراء تغيير استراتيجي في العراق، ولكنه وافق على فكرة بذل جهد دبلوماسي جديد في الشرق الأوسط سيقوم به بلير.
وأعلن بوش، خلال مؤتمر صحافي مشترك في واشنطن مع بلير، أن هذا الأخير سيتوجه قريباً الى المنطقة في محاولة لاستئناف المفاوضات الاسرائيلية ــ الفلسطينية المتوقفة حالياً، مشيراً الى انه يدعم مهمة بلير في الشرق الاوسط «لأن من المهم إعطاء دفع لقضية دولتين (اسرائيلية وفلسطينية) تعيشان بسلام جنباً الى جنب»، في تجاوب واضح مع تقرير بيكر ــ هاملتون، الذي جعل من الصراع العربي ــ الاسرائيلي أصل المشكلة وأصل الحل.
أما بلير فقال من جهته إن الأمر يتعلق بإرسال «إشارة قوية جداً» بأن الولايات المتحدة وحلفاءها «يعاملون بالتساوي» الإسرائيليين والفلسطينيين خلافاً لما يعتقده الكثيرون في المنطقة.
وفي ما يتعلق بإيران وسوريا، اللتين دعا التقرير الى إطلاق محادثات معهما، قال بوش «اذا جاء الناس الى طاولة (المفاوضات) للبحث في الوضع في العراق، يجب أن يفهموا ما هي مسؤولياتهم: عدم تمويل الارهابيين ومساعدة هذه الديموقراطية الناشئة على البقاء ومساعدة هذا البلد اقتصادياً». وأضاف «وإذا لم تتعهد سوريا وإيران (باحترام) هذا المفهوم، يجب ألا تتكبدا مشقة المجيء».
واستبعد الرئيس الأميركي إجراء محادثات مباشرة مع إيران ما دامت لم تعلق «في شكل يمكن التحقق منه» أنشطة تخصيب اليورانيوم. وقال «اذا وافق (الايرانيون) على تعليق التخصيب في شكل يمكن التحقق منه، فإن الولايات المتحدة ستجلس الى طاولة المفاوضات مع شركائنا».
وقال بوش مخاطباً النظام في دمشق «نقول لسوريا: لا تحاولوا زعزعة حكومة فؤاد السنيورة (اللبنانية)، ويجب أن توقفوا دخول الإرهابيين الى العراق».
ورداً على التقرير الذي يدعو خصوصاً الى سحب وحدات مقاتلة من العراق قبل مطلع العام 2008، قال الرئيس الأميركي «اذا سمحت الظروف بذلك». وأضاف «نريد ان تنسحب وحداتنا المقاتلة في أسرع وقت ممكن، لكن يجب ان نتحلى بالمرونة والواقعية عندما نضع الخطط».
ورأى بوش ان فكرة عقد مؤتمر دولي لدعم العراق «مهمة»، لكنه اعتبر ان «ايران وسوريا لا يمكنهما المشاركة في هذا المؤتمر الا اذا قدمتا دعمهما لحكومة بغداد وتخلتا عن دعم الارهاب».
ورداً على سؤال عن إصراره على تصريحاته المتفائلة في غالب الاحيان بالنسبة للعراق، اجاب الرئيس الأميركي إن «الوضع سيئ في العراق. اعلم الى اي حد هو سيئ».
وأشار بوش الى ان تقرير «بيكر ــ هاملتون» «جيد وبناء، ولكنه يحتاج إلى دراسة معمقة، وهو مهم للعراق ولأمن أميركا وبريطانيا».
في غضون ذلك، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية شون ماكورماك أمس أن وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس «لن تتخلى عن مبادئها لاتباع توصيات تقرير بيكر». وقال «سنستمع بالتأكيد الى ما لدى اللجنة لتقوله. لكن في نهاية المطاف، سيقوم الرئيس ووزيرة الخارجية بما يعتبرانه صحيحاً».
ورأى ماكورماك ان التقرير «يرسم رؤية للشرق الاوسط اكثر اماناً وأكثر استقراراً وأكثر ازدهاراً». وأوضح «نعتقد ان تشجيع الديموقراطية في الشرق الاوسط هو عنصر اساسي في المنطقة. ويبقى هذا الامر في صلب السياسة الخارجية لهذا الرئيس».
من ناحية أخرى، أكد بيكر وهاملتون أمس على ضرورة ان يتحرك الرئيس الاميركي بسرعة لمنع تفاقم خطورة الوضع في العراق.
وقال هاملتون، في تصريح لشبكة «سي. ان. ان.»، ان «الوقت يضيق (في العراق) والوضع يتدهور وعلينا التحرك بسرعة. انها ليست مسألة اشهر بل مسالة أسابيع وربما ايضاً ايام».
وفي شأن الحوار مع ايران، أشار بيكر الى ان الخلاف النووي مع ايران يجب «تركه» للأمم المتحدة. واوضح أن «كل ما نقترحه على ايران هو ان يفعلوا ما فعلوه في افغانستان» بالتعاون مع واشنطن بعد هجمات 11 ايلول 2001، مضيفا «نعتقد ان عليهم ان يفعلوا الشيء نفسه في العراق. ومن المرجح ان يرفضوا. واذا حدث ذلك، فإن العالم سيرى موقفهم الرافض».
(ا ب، ا ف ب، رويترز، يو بي آي، د ب ا)