strong>مداخـلات عنيفـة في جلسـة أمـس ومشـاورات كثيفـة اليـوم وصيغـة «الثلـث الضـامن» غـداً
كلم تحجب المداخلات العنيفة على «طاولة التشاور» في يومها الثاني حقيقة ما كان يدور تحتها وفي الكواليس من مشاورات تركز على إيجاد صيغة لتعديل الحكومة أو توسيعها، تجنّب البلاد مواجهات في الشارع قد تكون غير محمودة العواقب.
وبعد أن ركز أقطاب الاكثرية على وجوب معالجة ازمة رئاسة الجمهورية قبل الشروع في البحث في تعديل الحكومة أو تغييرها، انتهت جولة أمس الى تكليف النائب ميشال المر «الطبّاخ الماهر»، حسبما وصفه الرئيس أمين الجميل، إعداد «طبخة» لتعديل الحكومة وتوسيعها، تدرس على طاولة التشاور قبل ظهر غد الخميس. وقد كشف مدير التشاور رئيس مجلس النواب نبيه بري، لدى إعلانه رفع الجلسة، بعض معالم هذه الطبخة ــ الصيغة بقوله إن الحكومة الحالية كانت قد تألفت من ثلث زائد واحداً، قبل ان يغير بعض الوزراء مواقعهم السياسية التي وزِّروا على أساسها.
وعلمت «الأخبار» ان النائب المر سيجول اليوم على معظم أقطاب التشاور باحثاً معهم في صيغة لتعديل الحكومة أو توسيعها بحيث يزاد بموجبها وزيران أو أكثر عليها ويخرج وزراء آخرون وتبدَّل بعض الحقائب الوزارية، بما يجعل الحكومة متوازنة.
وفي معلومات لـ«الاخبار» ان من الوزراء المرجح خروجهم من الحكومة جهاد ازعور، شارل رزق وسامي حداد. كذلك فإن من الاسماء المرشحة للتوزير إذا تقرر توسيع الحكومة النائبان الياس سكاف عن الكاثوليك وأنور الخليل عن الدروز، على ان لا تقل حصة المعارضة في الحكومة عن 9 وزراء إذا ما استقر الأمر على زيادة عدد الوزراء من 24 الى 26 وزيراً.
وينتظر أن ينهي المر جولته بلقاء مع الرئيس بري لـ«يجوجل» معه حصيلة المواقف ويضع طبخته في صيغتها النهائية، تمهيداً لعرضها على الطاولة التشاورية غداً. فيما تحدثت مصادر مطلعة عن وجود اتجاه لدى بري الى توسيع الحكومة لتصبح ثلاثينية إرضاءً للجميع، من دون الدخول في لعبة استبدال الوزراء.
جلسة التشاور كانت قد بدأت في اجواء متوترة بسبب خرق المتشاورين الهدنة الإعلامية وتسريب محاضر جلسة أول من امس، فأعاد بري التشديد على وجوب التزام هذه الهدنة.
ثم انتقل الجميع الى مناقشة الموضوع الحكومي. فطرح رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع مبادرة قائلا: «إنها مقاربة مختلفة لتحقيق اختراق ما، فالمشكلة ليست في تعيين وزير او اكثر، بل في هواجس كل فريق. وهواجسنا نحن هي المحكمة الدولية وعدم تطبيق القرار 1701 والعلاقات مع سوريا وتصورنا للدولة الذي هو غير تصور «حزب الله». ودعا «الحزب» الى عرض هواجسه لمناقشتها، وقال: «إذا نقلنا وضعنا المتفجر الى مجلس الوزراء فإن المجلس سينفجر ويتحول طاولة حوار».
وعقب بري سائلاً «الحزب» عن هواجسه. فقال رعد «هذه المنهجية لا تحل المشكلة لأن الهواجس اكثر من أن نستحضرها»، مكرراً الإصرار على الثلث الضامن، ورفض اقتراح جعجع وقال «هناك قوى اساسية قناعتنا أن من المناسب ان تشارك ضمن النسبة الضامنة في مجلس الوزراء إلى جانب كتلة العماد عون».
وقال النائب سعد الدين الحريري: «الخلاف هو على الاستراتيجيا، فأنتم وحدكم تتخذون قرار الحرب والسلم. هواجسنا رئاسة الجمهورية وأن لا يتحول مجلس الوزراء طاولة حوار. أنتم حلفاء سوريا وإميل لحود، إذاً هناك خلاف في الاستراتيجيا، والحلول سهلة إذا كنا نريد التوصل الى حل. لن نعطي الثلث المعطل إذا كنتم تريدونه، ولا مانع من تحقيق المشاركة ونحن مع دخول الجنرال عون الى الحكومة ولكن على وفاق».
وإذ قال بري «إن الثلث هو للمشاركة»، اوضح رعد «ان هواجس 14 آذار هي هواجسنا، ولكن الحل هو في المؤسسات أي في الحكومة وعبر المشاركة».
ورد الحريري رافضاً توسيع الحكومة «بلا حل شامل يتضمن انتخاب رئيس جديد للجمهورية وحل لسلاح المقاومة والعلاقة مع سوريا والمحكمة الدولية وقرار الحرب والسلم».
إلا ان بري لوّح باحتمال الخروج من الحكومة قائلاً: «يمكن ان اقول باسمي وباسم «حزب الله» إننا قد نخرج من الحكومة، فتختار وزراء آخرين من الطائفة الشيعية».
فرد الحريري انه يقترح «استقالة قوى 14 آذار من الحكومة وليشكل الفريق الآخر حكومة جديدة».
وتوجه إليه ممثل «حزب الله» النائب محمد رعد قائلاً: «بما انكم اكثرية ونحن اقلية، فلتحكموا اذاً انتم ونحن نستقيل من الحكومة». فانفعل الحريري وتوتر ورد قائلاً: «إذا استقلتم فنحن نستقيل». وإذ همَّ بمغادرة القاعة اكثر من مرة، تدخل بري قائلاً له: «إلى اين يا شيخ سعد؟»، فقال: «أريد ان اجلب كوباً من الماء»، فقال له: «عُد الى هنا نحن نحضر لك الماء».
وإزاء تصلب الفريق الاكثري وإصراره على النقاش في موضوع الرئاسة، قال العماد ميشال عون: «حسناً، نتخلى عن نقطة الثلث الضامن، نؤلف حكومة جديدة ثم نجري انتخابات مبكرة، بعدها انتخابات رئاسية جديدة، عندها لست متمسكاً بالثلث الضامن».
ووصف الرئيس أمين الجميل البحث في تعديل الحكومة او توسيعها بأنه «ترقيع»، معتبراً حكومة الوحدة الوطنية «قنبلة موقوتة سيؤدي انفجارها الى نسف الحكومة والشارع في آن واحد». ودعا الى البدء بانتخاب رئيس جمهورية جديد، «لأنه يوفر حلاً لمشكلتين في آن واحد، واحدة داخل الحكومة وثانية بين لحود والسنيورة». ورأى أن «من الاسهل التفاهم على اسم رئيس جمهورية توافقي بدل التفاهم على أسماء 26 أو ثلاثين وزيراً».
وقال النائب وليد جنبلاط: «هناك محوران وأنتم أتاكم أمر عمليات من إيران». ثم عاد الحريري الى الكلام قائلاً: «الظاهر أنه لا إمكان للوصول الى اتفاق، ويبدو أن هناك عداً عكسياً للوصول الى يوم الاثنين، أي الى الشارع». وتساءل: «كيف يعقل ان نتكلم عن حكومة وحدة ونحن لا نتفق على موضوع الرئاسة الاولى والمحكمة الدولية والسلاح والاستراتيجيا الدفاعية، فهذه قضايا كبرى لا يمكن الحديث عن حكومة وحدة قبل الاتفاق عليها».
وقال جعجع: «المشكلة كبيرة والحل المطروح ليس حلاً لأنه يعرقل عمل الحكومة، وإميل لحود موجود في الرئاسة بقوة «حزب الله». كما ان تغيير الحكومة كما هو مطروح انتحار، لأننا اذا غيّرناها نكون قد نقلنا المشكلة من الشارع الى الحكومة».
وتحدث جنبلاط مجدداً فقال: «اغتيل بشير الجميل لأنه رفض شروط بيغن ولأن بشير أراد لبنان أولاً. والإصرار الآن على لحود سيذهب بإنجازات المقاومة الى الهاوية».
وقال الحريري: «من الواضح أن هناك قراراً مسبقاً ولا تريدون التشاور، وأنكم اتخذتم قراراً بالاستقالة أو بالنزول الى الشارع. فليكن النزول الى الشارع ولتتحملوا عندئذ المسؤولية. هناك فريق يريد تغيير موازين القوى».
فرد رعد: «لو كان هذا هو التوجه لما انتظرنا حتى اليوم».
ومع تصاعد التوتر في المناقشة علق بري الجلسة ربع ساعة ثم استؤنفت فقال جعجع: «ما دامت المواقف باتت واضحة، فلنعلق الجلسة لاستكمال التشاور». واتفق عندئذ على رفع الجلسة الى الحادية عشرة قبل ظهر الخميس.
وعلى الأثر عقد بري وجعجع خلوة لدرس سبل تقريب وجهات النظر.
من جهة أخرى سجل أمس تطور ميداني جنوبي، إذ أفاد مندوب «الأخبار» في المنطقة الحدودية عساف بو رحّال، أن قوات الاحتلال الاسرائيلي بدأت مساء أمس الانسحاب من الشطر اللبناني من بلدة الغجر، وأكد مصدر في «اليونيفيل» حصول الانسحاب موضحاً «أن قوات الاحتلال بدأت مساءً تفكيك بعض منشآتها ونقل تجهيزات ومعدات كانت تستخدم في نقاط مراقبة في الجزء الشمالي من البلدة»، من دون أن يحدد مساحة الانسحاب، مشيراً الى أن الوضع الميداني ستتضح تفاصيله صباح اليوم.
وأوضح بيان لـ«اليونيفيل» أنه تم الاتفاق على الانسحاب في اجتماع عقد أمس في مقر قيادة القوة الدولية في الناقورة بين قائدها الجنرال الفرنسي آلان بيلّيغريني وممثلين للجيشين الإسرائيلي واللبناني.
ونقل البيان عن بيلّغريني ترحيبه بالانسحاب الاسرائيلي من محيط الغجر، متمنياً «أن يتحقق قريباً الانسحاب الكامل من كل الأراضي اللبنانية تطبيقاً للقرار 1701 بما فيها المنطقة الشمالية لقرية الغجر».
وأكد البيان أن «اليونيفيل ستسيّر دوريات وتقيم حواجز في المنطقة للتأكد من انسحاب الجيش الاسرائيلي منها»، وهو الإجراء الذي يسبق عادة إحالة المنطقة الى مسؤولية الجيش اللبناني.