مقالات مرتبطة
-
جرعة «أمل» في زمن الانهيار نادين كنعان
منذ أن أعلن المهرجان عن الحفلة، رصدنا إطلالات القيمين عليها والإعلانات المرفقة، فلاحظنا أن هناك تكتّماً حول البرنامج. اتصلنا بقائد الأوركسترا هاروت فازليان للاطلاع على ما سيتخلل الأمسية، فأكّد أن ثمة رغبة بعدم إعطاء تفاصيل في هذا الشأن، لكن القليل من المعطيات المتوافرة يتيح رسم ملامح البرنامج الفني بالتي هي أحسن.
في البداية، وكما يمكن أن يتوقّع أي مراقب، لا يمكن لحفلة كهذه أن تخلو من حضور للمؤلف الألماني بيتهوفن لسببين أساسيَّين: إنها سنته موسيقياً بدون منازع، إذ يستعيد العالم ذكرى ربع قرن على ولادته. وكما عاكسه في حياته، لاحق القدر بيتهوفن في عليائه بعد 250 على ولادته، فنكّد الاحتفالية العالمية في بدايتها وعطّل مئات الفعاليات التي كانت تتحضر لتكريم الأصمّ الذي ملأ الآذان إبداعاً. بالتالي، كان لا بدّ من أن تتضمن الأمسية البعلبكية عملاً من ريبرتواره الأوركسترالي تحديداً. السبب الثاني له علاقة ببيتهوفن الإنسان الذي دعا البشر إلى التآخي والثورة على الظلم، أقله بشكل مباشر في سمفونيته التاسعة الشهيرة، تلك التي تحوي «نشيد الفرح» (القصيدة للأديب الألماني شيلر) في نهايتها. هذا النشيد يقع في منتصف الحركة الرابعة (الأخيرة) من هذه السمفونية الضخمة، وسيتم تقديمه من دون التمهيد الآلاتي الذي يسبقه في تلك الحركة (النصف الأول من الحركة تقريباً). في الشق الكلاسيكي الغربي، يتخلل الحفلة عمل للمؤلف الإيطالي فيردي، وهنا الاحتمالات كثيرة (عمل كورالي مقتطف من أوبرا عموماً)، بخلاف زميله الألماني من القرن العشرين كارل أورف الذي تنحسر معه الخيارات في عمله الإنشادي القروسطي الشهير «كارمينا بورانا». والأرجح أن الأداء سيقتصر على مقدمة العمل المهيبة التي تحمل عنوان O Fortuna. فقط؟ كلا، إذ يتوّج الحضور الكلاسيكي عمل للمؤلف الروسي إيغور سترافينسكي، سيكون بدون شك أحد انفجاراته الصوتية/ الإيقاعية من ريبرتوار موسيقى الباليه التي أبدعها هذا الدماغ الكبير.
لا يمكن لحفلة كهذه أن تخلو من حضور للمؤلف الألماني بيتهوفن
في الشق المتعلّق بكل ما هو غير كلاسيكي غربي، لم يفصح المدير الفني للحدث وقائد الأوركسترا، هاروت فازليان، عن أي معلومات سوى أن البرنامج سيكون عبارة عن فسيفساء لبنانية، في ذكرى مئوية إعلان لبنان الكبير، فيها قراءة لجبران خليل جبران (رفيق علي أحمد) ترافقها موسيقى غبريال يارد، بالإضافة إلى مختارات من ريبرتوار الأخوين عاصي ومنصور الرحباني وفيروز في إعداد للأخوين غدي وأسامة الرحباني. وفي لفتة يعتبرها القيمون على الحدث ضرورية لجذب الجيل الشاب، مع حفظ دورٍ للمرأة فيها، ستقدّم الأوركسترا أداء لإحدى الأغاني الشهيرة من ريبرتوار موسيقى الروك، يشارك في تنفيذها رباعي من ثلاثة عازفي غيتار وعازف درامز (شابان وفتاتان)، في حين تتولّى الإنشاد الجماعي في الأمسية عموماً جوقتا «الجامعة الأنطونية» و«جامعة اللويزة»، بالإضافة إلى جوقة «الصوت العتيق» التي تسهم في الجانب المتعلّق بتاسعة بيتهوفن فقط.
ستطول أمسية «صوت الصمود» لنحو ساعة من الموسيقى التي تأتينا من قلعة بعلبك مباشرةً على الهواء. وإلى الشق الفني الموسيقي، تضاف مؤثرات بصرية مصممة لمرافقة المقطوعات والمحطات التي سيتخللها البرنامج، ما يساعد ربما على التلقّي وشدّ الاهتمام نحو الشاشة في هذه التجربة الجديدة… لكن من تطمره الهموم، هل يبقى قادراً على الاستمتاع بالجمال؟