تكرار لتجربة «ليبان بوست» التي هدرت أموال الدولة ولم تحقق أرباحاً للخزينة
هكذا، بدأ مشوار تعديل دفتر الشروط الذي استمر نحو شهر بين وضع التعديلات ومناقشتها مع هيئة الشراء العام، وانتهى بوضع رئيس الهيئة جان العلية 7 ملاحظات على دفتر الشروط، أبرزها تلك المتعلقة بمؤهلات وخبرة العارضين وكفاءتهم. إلا أن الوزارة التي أخذت بغالبية ملاحظات الهيئة، أسقطت الملاحظة القائلة بضرورة أن تكون الشركة المتقدّمة «شركة بريد»، أي تمتلك خبرة في تشغيل المرفق العام على صعيد بلد أو مقاطعة. فتحت عنوان «توسيع المنافسة»، سمحت الوزارة للشركات الحاملة لتراخيص نقل مواد المراسلات، الطرود البريدية، الطرود أو الرزم الصغيرة، المشاركة في هذه المزايدة. أي أن أي شركة تقوم بهذه الأعمال (قد تكون شركة توصيل بضائع) قادرة على الفوز بالمزايدة لأن الشرط لم يعد مقتصراً على شركات البريد الكبرى أو شركات البريد الوطنية. وذلك لم يأت عبثاً وفق مصادر مطّلعة، بل فُصِّل التعديل على قياس تحالف شركتَي Merit» «invest - Colis Privé الذي خسر المزايدة السابقة ويُراد فرضه مجدّداً على الدولة، فضلاً عن أن تدنّي مستوى الشروط والخبرة سيدفع بالشركات العالمية الكبرى إلى عدم المشاركة، ما سيتسبب بأضرار مباشرة على هذا المرفق العام وطريقة تشغيله.
النقطة الثانية هي المتعلقة بالإيرادات، إذ اكتفت الوزارة بتحديد نسبة مئوية تعادل 10% تبقى ثابتة في السنوات الثلاث الأولى وترتفع نصفاً في المئة (0.5%) من بداية السنة الرابعة لغاية نهاية السنة السادسة، ثم نصفاً في المئة أخرى حتى انتهاء العقد في السنة التاسعة، إذ عمدت الوزارة إلى تقليل نسبة ربح الدولة وجرى تعقيد الحصة من الخدمات البريدية والخدمات غير البريدية. فتضمّن دفتر الشروط عدة لوائح منها الخدمات البريدية فئة أولى التي تخضع لنسبة 10%، في حين أن الخدمات البريدية فئة ثانية أضيفت عليها تكلفة النقل والمصاريف، ما يعني أنها ستُحسم من حصة الدولة، الأمر الذي يعيد إلى تجربة «ليبان بوست» التي هدرت أموال الدولة ولم تحقق أي أرباح للخزينة وتحكّمت بطريقة توزيع هذه الأموال.
وفي دفتر الشروط المُعدّل أيضاً، لائحة تحمل اسم خدمات غير بريدية غير حصرية لن تستفيد الدولة من إيراداتها بحجة أن «هناك عدة شركات تقوم بهذه الخدمات في لبنان ولا تقبض منها الدولة». لذلك ارتأت وزارة الاتصالات عدم إفادة الخزينة من هذه الإيرادات بدلاً من العمل لتنظيم الخدمات وتنظيم عمل هذه الشركات جميعها لتحقيق أرباح.
النقطة الأخيرة هي منح الشركات الراغبة بالمشاركة مهلة زمنية قصيرة لا تتعدى 35 يوماً، فموعد إطلاق المزايدة حُدّد في 12 تموز. وهي مهلة قصيرة جداً بحسب أصحاب الاختصاص، إذ لن يتسنى للشركات الكبرى درس دفتر الشروط وتحضير مستنداتها وعرضها والحصول على الوثائق المطلوبة من وزارة المالية وغيرها. ليبقى السؤال الرئيسي: هل المطلوب تعبيد الطريق أمام الشركة الفرنسية فقط؟