تنتظر إسرائيلَ ساعاتٌ ساخنة، على وقع التظاهرات المتوقّعة اليوم، والتي تعهّد قادة الحركة الاحتجاجية ضدّ «الانقلاب القضائي» بأنها ستكون «غير معهودة» لناحية شدّتها. ويأتي ذلك بعد شهر من تعثّر المفاوضات في ديوان الرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هيرتسوغ، وفي ظلّ عودة الائتلاف الحكومي، بقيادة بنيامين نتنياهو، إلى مسار تمرير مخطّطه الرامي إلى إضعاف مكانة السلطة القضائية، وآخر محطّاته تصويت «الكنيست»، أمس، بالقراءة الأولى، على تقليص «ذريعة عدم المعقولية»، بما قد يمنع «المحكمة العليا» من إلغاء قوانين أو قرارات حكومية تتعارض مع قوانين أساس ذات مكانة دستورية. وفي هذا الإطار، قال نداف غلئون، وهو أحد قادة الحركة الاحتجاجية: «سنبدأ في الساعات المبكرة من اليوم بجملة من الأنشطة المهمة التي ستوصل رسالة إلى الحكومة مفادها بأنه إذا لم تتوقّف التشريعات القضائية، فإننا سنوقف الدولة». وأوضح، في مقابلة مع موقع «واينت»، أن «النشاط المركزي المخطَّط له سيكون بعد الظهر في مطار بن غوريون. هناك ستكون التظاهرة الأكبر حيث سنقول للحكومة إنه إذا قررت أن تحوّل إسرائيل إلى ديكتاتورية من طريق كسر القواعد، فإنّنا - كمحتجّين - سنكسر القواعد أيضاً». وحول إمكانية عرقلة الرحلات الجوية وتأخيرها، أشار غلئون إلى «(أنّنا) سنحاول عدم عرقلة مواعيد الرحلات، لكن أنشطتنا قد تؤخّرها. من المهمّ الإشارة إلى أن أيّ مسافر في أنحاء العالم قد تتأخّر طائرته لأيّ سبب كان بمعزل عن التظاهرات. ثمّ إن تأخير الرحلات الجوية ثمنه يساوي صفراً، مقابل الثمن الذي سندفعه في اليوم التالي لإسرائيل الديكتاتورية».
وفي الاتّجاه نفسه، نقل الموقع عن قائد ثانٍ قوله «(إنّنا) نستعدّ للاحتشاد في 34 موقعاً، ستشهد أنشطة وتظاهرات مهمة في جميع أنحاء البلاد»، مضيفاً إنه «تشهد دولة إسرائيل أحد أكثر الأيام المصيرية في تاريخها. غداً (اليوم) يبدأ فصل جديد في الاحتجاج. القوى المدنية تستعدّ لشلّ البلاد من دان شمالاً حتى إيلات جنوباً». من جهته، أعلن روعي نويمان، من قادة «قوة كبلان»، أن «التظاهرة (اليوم) في مطار بن غوريون لن تكون أقلّ من سابقتها، وخصوصاً أننا نحيا في زمن صعب جداً يتطلب منّا ملاءمة أنفسنا مع حجم اللحظة واستحقاقاتها»، متوعّداً الحكومة «بأن التظاهرات لن تبقى مهذّبة»، ومؤكداً في الوقت نفسه «(أنّنا) سنظلّ بعيدين عن العنف». كذلك، أعلن «منتدى التجارة» الإسرائيلي قراره السماح للموظفين والعمّال بالمشاركة في الاحتجاجات، مطالباً رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بالاستجابة لنداءات الرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ، وعدم تقديم تشريعات «الانقلاب القضائي». ومن بين هؤلاء، المديرون التنفيذيون للبنوك الإسرائيلية الكبرى، ورؤساء شركات ومجموعات تجارية ضخمة.
34 منطقة في إسرائيل ستشهد تظاهرات ضخمة


وكانت مجموعة «بيغ» التجارية، وهي مالكة عشرات الفروع في إسرائيل، قد أعلنت، أوّل من أمس، أن الاضراب سيعمّ جميع فروعها (اليوم)، مشيرةً في وقتٍ لاحق إلى أن أبوابها ستبقى مفتوحة بالرغم من مشاركة موظفيها في الاحتجاج. وأتى ذلك قبل أن تنضمّ كبريات الشركات المنضوية في «منتدى التجارة»، والتي تُشغّل معظم العمّال والموظفين الإسرائيليين العاملين في الأسواق، إلى الاحتجاج، لتطالب الحكومة ورئيسها بالتراجع عن خطّة «الإصلاح القضائي»، والعودة إلى المفاوضات التي جُمّدت بين الائتلاف والمعارضة قبل حوالي الشهر، والتوقّف عن اتخاذ خطوات أُحاديّة الجانب. وجاء في عريضة وقّعها مديرو تلك الشركات، أنه في ضوء «التوترات المستمرة، والتدهور الحاصل في السوق الإسرائيلية، والهبوط الحاد في الاستثمارات الأجنبية، فضلاً عن التحدّيات الأمنية والشقاق المجتمعي، من الضروري التوصل إلى اتفاق واسع (بشأن الإصلاحات القضائية)»، مشيرين إلى أنهم طالبوا الشركات والمجموعات التجارية كافةً بالسماح للموظفين والعمّال بالمشاركة في التظاهرة المقرّرة اليوم. ومن بين الموقّعين على العريضة: رئيس شركة «تنوفا»، حاييم غبرايلي، ورئيس «سوبر سال»، ايتسيك أفركوهن، وكلّ من مديري المجموعات التجارية التالية: «فوكس» (هرئيل يوزال)؛ شبكة فنادق «يسروطال» (ليؤور رافيف)، «كنيوني عوفر» (ليؤورة عوفر)، «عزرائيلي» (دانا عزرائيلي)، «سوبر فارم» (ليؤون كوبلر)، بنك «بوعاليم» (دوف كوتلر)، «لؤومي» (حنان فريدمان)، «فيسبوك إسرائيل» (عيدي تأني)، و«ماكدونالدز» (عمري فدان)... وغيرهم.
أيضاً، أعلن مئات الطيارين الحربيين الإسرائيليين في الاحتياط أنهم سيجتمعون، اليوم، ضمن «يوم دراسي»، للاستماع إلى محاضرات يقدّمها خبراء قانونيون حول التبعات المحتملة لإلغاء «ذريعة عدم المعقولية»، ومدى الضرر الذي سيطاول «النظام الديموقراطي في إسرائيل» والسلطة القضائية. وبالرغم من أن المشاركين والقائمين على «اليوم الدراسي» لم يعلنوا خطوات تصعيدية معيّنة، نقلت صحيفة «معاريف» عن طيارين ومساعدي طيارين في سلاح الجو الإسرائيلي قولهم، إن مئات الطيارين قد يعلنون رسمياً، عقب انتهاء المحاضرات، توقفهم عن التطوّع في خدمة الاحتياط، ما قد يؤدي طبقاً للصحيفة إلى «مسّ وضرر كبيرين بجهوزية سلاح الجو للحرب أو لمواجهة واسعة»، مشيرةً إلى أن «سلاح الجو على موعد مع أشدّ أزمة داخلية قد يشهدها في تاريخه». وفي هذا الإطار، قال ضابط كبير في الاحتياط في سلاح الجو الإسرائيلي لـ«معاريف» إن «قيادة سلاح الجو مدركة لحجم المشكلة. هذه القيادة تعي أنه إذا ما تمّ تمرير التشريعات فسيفقد سلاح الجو مؤهلات كثيرة؛ إذ ثمّة اعتقاد مفاده بأن مواجهة هذه الأزمة بشكل عنيف قد تفاقمها ولا تحلّها، وذلك لأن مواجهتها بطريقة عنيفة (عزل طيارين أو معاقبتهم بصورة صارمة) قد تدفع طواقم جويّة أخرى لم تتّخذ خطوات معيّنة بعد إلى التعبير عن رفضها للمخطّط (الانقلاب القضائي)».
وبحسب الصحيفة، فإن عدم لجوء رئيس الأركان، هرتسي هليفي، وقائد سلاح الجو، تومر بار، إلى إقالة طيارين أو تجميد خدمتهم إلى الآن يعكس «الاعتراف بحجم الأزمة وشدتها»، وما يؤكد ذلك بحسبها هو أن «هليفي وبار أجريا محادثات معمّقة، في الأشهر الأخيرة، مع طيارين ومساعدي طيارين برتب ومناصب رفيعة مختلفة، وبناءً على هذه المحادثات، أدركا أن ثمّة اتجاهاً عميقاً للرفض، سيتوقّف بسببه عشرات الضباط الجويين عن التطوع في الجيش، وأن هذا الأخير لن يبقى جيش دولة ديموقراطية، وبالتأكيد ليس جيش الشعب». من جهته، علّق هليفي على الأزمة الحاصلة في جيشه، بالقول خلال مراسم تغيير قائد المنطقة الجنوبية للجيش الإسرائيلي، إن «هذه الأيام تلزمنا بالتركيز على المهمّة الأمنية والتكتّل حولها، وليس مسموحاً لنا في ظلّ الواقع الحالي عدم الامتثال أمام أيّ تحدّ ومهمة».
إلى ذلك، أعلن مئات المحاضرين في «الجامعة العبرية» في القدس المحتلة، مشاركتهم في الاحتجاجات ودعمهم الطلبة الذين سيشاركون فيها، معتبرين أن «النضال الشعبي» ضدّ خطوات الحكومة «هدفه الدفاع عن الجمهور الإسرائيلي برمّته».