بدا لافتاً أن يُدرج على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء، اليوم، طلب وزير الاتصالات جوني القرم الموافقة على تفويضه التوقيع على مشروع عقد مزايدة البريد مع تحالف شركة «Merit invest – Colis Privé» والمستندات التابعة له. إذ إن وزير الاتصالات يطلب منحه صلاحيات يملكها أساساً بموجب القانون. إلا إن ما يثير الاستغراب أكثر هو أن المزايدة لم تنل بعد موافقة ديوان المحاسبة المسبقة عليها، وهي موافقة مُلزِمة وفق القانون.قبل نحو أسبوعين، رست مزايدة تلزيم الخدمات والمُنتجات البريدية، للمرة الثانية، على العارض الوحيد، شركة «Merit invest - Colis Privé»، وهي تحالف شركتين، الأولى لبنانية يملكها رودولوف سعادة، أحد مؤسسي شركة «CMA-CGM» للنقل البحري التي التزمت بعض مجالات التشغيل في مرفأ بيروت، والثانية فرنسية لديها رخصة توزيع بريد، وليس لديها مكاتب بريدية. وكان التحالف نفسه فاز في جولة مزايدة سابقة ألغيت بناء لتوصية هيئة الشراء العام، نظراً إلى عدم مطابقة العرض لدفتر الشروط، أي أنّ الشركة لم تكن مؤهّلة لاستلام القطاع تبعاً للمعايير الواردة في دفتر الشروط. وفي الجولة الثانية عدل دفتر الشروط لناحية يتناسب ومعايير الشركة، التي عادت وفازت بالمزايدة، كما يُفهم من تقرير اعدته هيئة الشراء العام.
وأُعلنت نتائج المزايدة الثانية وسط اعتراض ثلاث شركات اشترت دفتر الشروط أيضاً، هي شركة «غانا بوست» المحدودة وشركة «سي – كوم هولدنغ ش.م.ل»، وشركة «تراست ترايدينغ ش.م.ل». وطعنت «غانا بوست» في المزايدة أمام مجلس شورى الدولة اعتراضاً على مهلة تحضير العروض التي حدّدتها وزارة الاتصالات بـ35 يوماً، ما اعتبرتها الشركات وهيئة الشراء العام مدة غير كافية قياساً إلى صعوبة الشروط المطلوبة، والتي تستلزم 3 أشهر على الأقل لإعدادها. وعلى أساسه لجأت الشركة إلى قضاء العجلة في الشورى تطلب منع فضّ الغروض، نظراً لعدم جواز قصر مدة التحضير بهذا الشكل. إلا أنّ الشورى لم تنظر في الملف إلا بعد ما كانت العروض قد فضّت، فردّت الطلب لإنتفاء العجلة بعد فض العروض، وليس لأن المزايدة خالية من المخالفات. وعلمت «الاخبار» أن طعناً جديداً يحضّر من «غانا بوست» بنتائج المزايدة.
طعن جديد يحضّر في مزايدة البريد وطلب «غريب» من القرم


وبعدما ردّ شورى الدولة الطعن، يتوجّه وزير الاتصالات إلى عرض الملف على مجلس الوزراء، علماً أن رفض الطعن «لا يعفيه من إلزامية عرض المزايدة على ديوان المحاسبة لأخذ موافقته المسبقة عليها، قبل التوقيع مع الشركة الرابحة. ولم يحدث أن مرّت مزايدات وعقود كهذه من دون موافقات مسبقة» بحسب قانونيين، أشاروا إلى أن «الحالة الوحيدة التي يلجأ فيها الوزير إلى مجلس الوزراء، هي لكسر قرار الديوان في حال كان رافضاً للمزايدة، ومثل هكذا خطوة نادراً ما تحصل»، فضلاً عن أنّ طلب القرم يعد «سابقة» كون مجلس الوزراء «ليس المرجعية الصالحة لإعطاء هكذا صلاحيات هي في الأساس ممنوحة له بقانون».
وفيما عزا القرم في حديث لـ«الأخبار» طلبه التفويض إلى أنه لا يريد تحمّل عبء التوقيع، وسط اعتراض فريق سياسي في البلد على الكثير من الإجراءات واعتبار حصولها في ظل الفراغ الرئاسي، تعدّياً على صلاحيات رئيس الجمهورية، بقيَ توقيت طلبه قبل أخذ موافقة الديوان المسبقة غير مفهوم. مع العلم أنه أكد عدم نيته مخالفة القانون بهذا الشأن.
وتفيد المعلومات بأنّ الديوان سيتحرّك حيال ما سيعتبره «مخالفة كبرى» في حال وقّع القرم المزايدة قبل أخذ موافقته، خصوصاً أن مثل هذه المزايدات والعقود لم يحصل أن مرّت من دون موافقات مسبقة.