في ضوء حديث قادة العدو المكرور عن «انكسار حماس»، وآخر فصوله تصريح وزير الأمن، يوآف غالانت، بأن الحركة باتت «على وشك التفكّك»، فضّل المقدَّم في احتياط الجيش الإسرائيلي، ألون أفيتار، والخبير في شوؤن الساحة الفلسطينية، الابتعاد عن المصطلحات الحاسمة في هذا الشأن، و«التقليل من استخدامها»، وفقاً لما تحدّث به إلى إذاعة «103 أف أم» العبرية، وإنْ رأى أن «بعض منظومات حماس تلقّت ضربات كبيرة لا شكّ، وهذه الضربات منوطة بالمناطق». وقال إنه «ينبغي التفريق بين القيادة والميدان المركزي، وحجم الوسائل القتالية التي تمتلكها حماس، كما ينبغي الفصل (عند الحديث عن التفكّك والانهيار) بين شمال القطاع وجنوبه»؛ إذ يبدو، وفقاً له، أنّ «شمال القطاع تلقّى ضربات أكبر من تلك التي في الجنوب. ولكن في الشكل العام، لا يزال أمامنا الكثير من العمل». كذلك، أشار إلى أن «العشرية الأولى في الصفّ القيادي لم تتضرّر إطلاقاً. ورغم أنّ بعض قادة الألوية والكتائب قد أصيبوا (أو استشهدوا)، إلّا أنّ قيادة حماس لا تزال موجودة... لا أعرف أين هم، ولكنهم موجودون ويعملون. وفي اعتقادي أن (الانكسار أو التفكّك) لا يقف على موت يحيى السنوار أو حياته، فالقيادة حاضرة ولا تزال تعطي الأوامر».ورداً على سؤال وجّهه المذيعان في قناة «103 اف أم»، عينات دافيدوف، وأودي سِغال، إلى أفيتار، عن ماهيّة النقطة التي سيعرّفها «محور المقاومة» باعتبارها «انكساراً»، وإشارتهما في هذا السياق، إلى تدمير مبنى المحكمة في غزة، وعدد من المراكز السلطوية والبنى التحتية، فضلاً عن اعتقال جيش العدو مئات المدنيين من مدارس إيواء في بيت لاهيا شمال القطاع، واقتياده إيّاهم عُراة إلى جهة مجهولة (تدّعي إسرائيل أنهم مقاومون سلّموا سلاحهم، وهو ما نفته المقاومة)، قال الخبير: «دائماً ما ستكون هناك فجوة بيننا وبينهم (في الطريقة التي يُعرّف فيها الانكسار)، فحتى لو قُضي على قيادة (المقاومة)، وهو بلا شكّ هدف مطلوب، فسيظلّ هناك دائماً جهد لتحويلهم إلى رموز وطنية، أي إنّ (استشهاد) القادة لن يسبّب الألم والاكتئاب للمقاومة، (فالشهادة) هي الحمض النووي في الإسلام».
كما رأى أنّ الحركة وضعت نفسها في المقدّمة في هذه المرحلة، وبقاؤها يُعدّ «الهدف الأسمى بالنسبة إليها»، مضيفاً أن «حماس الآن تشتري الوقت وتحاول الصمود والبقاء بشتّى السبل، لاعتقاد قادتها بأن مزيداً من الصمود سيفضي إلى تراكم الضغوط الخارجية على إسرائيل لوقف الحرب أو كبحها. وفي الموازاة، ترسل رسائل القوّة، مثل ربطها الحديث عن أيّ صفقة محتملة بوقف إطلاق النار أولاً». وتعليقاً على تهجير مئات الآلاف من شمال القطاع إلى جنوبه، أقرّ أفيتار بأنه لا يرى «وضعاً قد يفتح فيه المصريون بواباتهم ويقولون لمئات آلاف الفلسطينيين تفضّلوا، ادخلوا إلى ديارنا. نحن نرغب في الوصول إلى مثل هذا الوضع، لأن من شأنه أن يقلّص من حجم المشكلة، ولكنني لا أجد مثل هذا السيناريو واقعيّاً».
«لا أرى وضعاً قد يفتح فيه المصريون بواباتهم ويقولون لمئات آلاف الفلسطينيين تفضّلوا، أُدخلوا إلى ديارنا»


من جهته، رأى رئيس «الاتحاد العالمي لليهود المغاربة»، سام بن شطريت، والكاتب والشاعر الإسرائيلي، رئيس «اتحاد الكتّاب الإسرائيليين» سابقاً، بلفور حكاك، في مقالة مشتركة لهما في صحيفة «معاريف»، أن «التاريخ يُعلّمنا أن المنتصر هو الذي يملي الشروط على المهزوم، غير أنّ الأمر ليس كذلك في الحرب التي نخوضها حالياً». وذكّرا بأن «حماس وضعت شروطاً في صفقة التبادل، تقضي بأنه مقابل إفراجها عن كلّ مختطف تفرج إسرائيل عن ثلاثة إرهابيين، فضلاً عن هدنةٍ ومئات الشاحنات المحمّلة بالدواء والغذاء والوقود»، مضيفَين، تعليقاً على ما أعلنته الحركة أخيراً من أنه لا حديث عن صفقة تبادل قبل وقف إطلاق النار: «نشعر (كإسرائيليين) بأن أيدينا مقيّدة خلف (ظهورنا)، ففي أيدي حماس إسرائيليون مختطفون من مختلف الأعمار. ومقابل كل عشرة مختطفين عادوا إلينا، أُطلق سراح 30 (أسيراً فلسطينياً)، قد يقتلوننا في المستقبل، كما ثبت في الماضي، وأبلغ مثال على ذلك صفقة شاليط... حقيقة أنّ حماس تشن ضدّنا حرباً نفسية من أجل تحطيم المجتمع الإسرائيلي أمر يدعو إلى الحنق، فهي تعرف أن المجتمع الإسرائيلي حسّاس وعاطفي، والرهائن الذين بين يديها هم ورقتها الرابحة، وهي تستخدمهم لتعزيز موقفها القاسي، والقاضي بأن صفقة التبادل ستتمّ وفقاً لشروطها».
ولفت الكاتبان، إلى أنه في موازاة الحرب النفسية التي تشنّها الحركة «تُنظَّم (في إسرائيل) تظاهرات للمطالبة بالتوصّل إلى صفقة يُفرج بموجبها عمّن تبقّى من المختطفين، وبدلاً من أن يوجّه المحتجّون غضبهم نحو اللجنة الدولية للصليب الأحمر والسنوار، يضغطون على الحكومة الإسرائيلية». واعتبرا أنّ «أيّ ضغوط إضافية على الحكومة ستؤذي إسرائيل، فلا جدوى من ممارسة هذا الضغط الذي لا يؤدّي إلّا إلى رفع التكلفة التي ندفعها مقابل كلّ مختطف، وهو ما يصبّ في مصلحة السنوار الذي قضى سنوات عدّة في السجون الإسرائيلية، ويتحدّث العبرية بطلاقة، ويعرف نقاط ضعفنا». كما اعتبرا أنّ «التظاهرات الحالية تضرّ عموماً بتحقيق أهداف الحرب، ذلك أن تزايد الضغوط على الحكومة يرفع الكلفة، ليس على مستوى عدد الأسرى الذين ستضطرّ إسرائيل لإطلاق سراحهم، وإنّما على مستوى وقف الحرب». ورغم كلّ مظاهر العدوان القاسية وربّما غير المسبوقة، والتجويع والتعطيش، وإفقاد الفلسطينيين في غزّة أبسط مقومات البقاء على قيد الحياة، دعا الكاتبان الصهيونيان إلى ممارسة مزيدٍ من الضغوط العسكرية. إذ «رغم كلّ التعاطف والتفهّم للألم الذي لا يمكن تصوّره لعائلات المختطفين، يجب على إسرائيل ألّا تتوقّف، لأن الهدف الرئيسي لحرب السيوف الحديدية هو هزيمة حماس وتدمير قدرتها العسكرية، وفي حال (استجابت إسرائيل للضغوط)، وحقّقت حماس هدفها في وقف القتال مقابل ضمانات دولية، فستكون هذه هزيمتنا».