بعد أكثر من أسبوع على إقرارها في الهيئة العامة لمجلس النواب، وقّع أمس، رئيس مجلس النواب نبيه بري مشروع قانون موازنة 2024 وأحاله على رئاسة مجلس الوزراء. أهم سبب وراء هذا التأخير يتعلق بصياغة نصوص المواد التي أضيفت في نهاية الجلسة، وسط هرج ومرج بين النواب. فلم يكن واضحاً بأيّ صياغة أقرّت هذه المواد وما هو مضمونها النهائي، ولا سيما أنها شملت فرض ضريبة استثنائية على المستفيدين من عمليات صيرفة وعلى الجهات التي استفادت من الدعم. لكن ما كان واضحاً، هو أنه بعد الجلسة مباشرة قرّر مستوردو المحروقات إعلان الإضراب احتجاجاً على إخضاعهم للضريبة، كما أن الهيئات الاقتصادية ومستوردي الأغذية وأصحاب المطاحن هدّدوا بالتصعيد في مواجهة هذه الضرائب.بحسب معلومات «الأخبار»، فإن النصّوص التي اتفق عليها صارت على النحو الآتي:
- تخضع المؤسّسات والشركات التي استفادت من الدعم الذي أمّنه مصرف لبنان لتغطية فروقات سعر صرف الدولار، لضريبة استثنائية إضافية مقدارها 10% على المبلغ الذي يفوق 10 آلاف دولار، وتحدّد دقائق تطبيقها بقرار يصدر عن وزير المالية.
- تخضع الأرباح التي حقّقها الأشخاص الطبيعيون والمعنويون نتيجة العمليات التي نفذوها على منصّة صيرفة استناداً إلى تعميم مصرف لبنان الصادر بهذا الشأن والتي تفوق مبلغ 15,000 دولار، لضريبة استثنائية إضافية نسبتها 17%، وتعدّ هذه الضريبة من الأعباء القابلة للتنزيل بالنسبة إلى المكلّفين على أساس الربح الحقيقي.
مفاوضات بين مرجعيات سياسية والمستوردين ستفضي إلى الطعن في المادتين


إذاً، الضريبة على عمليات صيرفة تشمل الأفراد والشركات وتصيب أرباحهم التي تتجاوز 15 ألف دولار. والضريبة على المستفيدين من الدعم فرضت على أرباح تفوق الـ 10 آلاف دولار. كما أنه لم يتم تحديد سنة الخضوع للضريبة، بل تشير صياغة النصّ إلى أن الضريبة تشمل كل العمليات التي حصلت في السنوات الماضية. فهل يكون سقف الربح لسنة واحدة أم لكل الفترة المشمولة بالضريبة؟ كما أن النصّ ليس واضحاً لجهة كيفية تحديد الربح؛ فعلى سبيل المثال، إذا أجريت عمليات على صيرفة بتاريخ معيّن في عام 2023، فما هو السعر المرجعي المعتمد لتحديد الربح طالما أن الفرق كان يتعلق بسعر الصرف الفعلي وسعر الصرف الذي اعتمده مصرف لبنان. الثاني معروف، بينما الأول متقلّب وغير ثابت. كذلك، يثير النصّ إشكالية فرض الضريبة بمفعول رجعي، وهي الحجّة التي استعملها المستوردون لإعلان موقف رافض لتسديد الضريبة. لذا، ثمة مصادر تشير إلى وجود مفاوضات جارية بين مرجعيات سياسية وكارتيلات المستوردين ستفضي إلى تقدّم عدد من النواب طعناً بهاتين المادتين انطلاقاً من عدم رجعية القوانين ومن كون الموازنة سنوية.
اللافت أن القانون رمى مسؤولية تطبيق هاتين المادتين على عاتق وزارة المال من دون أيّ تنسيق مسبق معها على هذا النوع من الإيرادات ومردوده وفرص تطبيقه. وهذه المشكلة التي تظهر في مواقف شعبوية يتخذها النواب بعيداً من أي دوافع تشريعية، إذ إن ترك ثغرات واسعة في قوانين كهذه يثير فوضى تتيح للمتهرّبين من الضريبة الهروب مجدداً، فيما كان يتوجب البحث عن الطريقة الأفضل والأمثل لإصابتهم بالضريبة من دون منحهم أيّ فرصة للهروب منها.