من ينتظر إقراراً من المسؤولين الغربيّين وجيوش خبرائهم ومراكز دراساتهم، بعدم صحة، أو في الحد الأدنى عدم دقة، توقعاتهم بالنسبة إلى المآلات «الحتمية» للنزاع الذي اندلع في أوكرانيا منذ سنتين مع روسيا، سينتظر طويلاً. حال هؤلاء في الواقع كحال المنجّمين؛ كثيراً ما تكذّب التطورات غالبية «تنبؤاتهم»، لكنهم يستمرون في إطلاق غيرها، ويجدون من ينصت إليها باهتمام بالغ. طوال هاتين السنتين، كنا أمام ضرب من ضروب «التنجيم الإستراتيجي» يقدّم إلى المستمعين الغربيين ما يشتهون ويتمنون: هزيمة واندحار من أوكرانيا، يليهما سقوط للنظام في موسكو، وربما أيضاً تفكك للوحدة الترابية لروسيا. كذّبت مجريات الميدان هذه «التنبؤات» بمجملها، وكشفت، بالتوازي مع متغيرات سياسية واقتصادية دولية مرتبطة بها، عن تحولات متسارعة في موازين القوى لغير مصلحة الولايات المتحدة ومعسكر «الغرب الجماعي» الذي تتزعمه.