واشنطن ـــ محمد سعيديعتقد مسؤولون أميركيون بأنّ الجاسوس الإسرائيلي بن عامي كاديش، الذي اعتُقل الأسبوع الماضي في ولاية نيوجيرسي بتهمة تزويد إسرائيل وثائق عسكرية أميركية في منتصف الثمانينيات، كان يواصل عمله التجسّسي لمصلحة الدولة العبرية عندما ألقي القبض عليه. ولدى سماعه باعتقال كاديش، قال المحقّق السابق في البحرية الأميركية، رون أوليف، وهو كان مسؤولاً عن قضية الجاسوس الإسرائيلي في استخبارات البحرية الأميركية جوناثان بولارد، إنّه يعتقد بأنّ كاديش «لا يزال يتجسس لمصلحة الاستخبارات الإسرائيلية». وأضاف: «هذا يعني أنه لا يزال لدى إسرائيل عميلاً في الولايات المتحدة يمكن أن يوفّر للإسرائيليّين المعلومات التي يريدونها».
ويضيف أوليف أنّ قضية كاديش تشير إلى احتمال أن يكون لدى الاستخبارات الإسرائيلية العديد من الجواسيس حالياً داخل القوات الأميركية أو أجهزة استخباراتها. ويستدلّ على كلامه هذا بواقع أنّ بولارد «سرق وثائق سرية خلال ستة سنوات يبلغ حجمها 360 قدماً مكعّباً». وبحسب تقرير نشرته مجلة «كونغريشينال كوارتلي» الأميركية، فإن كاديش كان يقدم المعلومات والوثائق السرية التي كان يحصل عليها من خلال عمله في الجيش في فترة الثمانينيات، إلى المستشار العلمي في القنصلية الإسرائيلية في نيويورك آنذاك، يوسف ياغور. يُذكَر أنّ ياغور هو الشخص عينه الذي تعامل معه بولارد، وفرّ من نيويورك في عام 1985، فور اعتقال الأخير، ولم يعد بعدها أبداً إلى الولايات المتحدة.
وإذا أدين، فإنّ كاديش الذي عمل في الجيش الأميركي في الفترة الفاصلة بين 1963 و1995، قد يلقى مصير بولارد نفسه، أي السجن المؤبَّد.
غير أنّ مسؤولاً كبيراً سابقاً في مكافحة التجسّس في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، يخالف هذا الرأي، ويعتقد بأنّ كاديش قد لا يُحاكَم «بسبب كل الأمور السيّئة التي قد تظهر» عن الأنشطة الإسرائيلية في الولايات المتحدة. وفي هذا الصدد، أشار المسؤول إلى أن المدّعين العامّين في وزارة العدل الأميركية، التي يملك فيها اليهود الأميركيون نفوذاً واسعاً، عملوا طويلاً للحيلولة دون إثارة هذه «الأمور السيّئة» في محاكمة ستيفن روزين وكينيث وايزمان، وهما مسؤولان في منظمة «إيباك» التي تمثّل اللوبي الإسرائيلي في واشنطن، بتهمة التجسّس لمصلحة إسرائيل أيضاً. فقد أمر القاضي توماس إليس، الذي يتابع قضية روزين ووايزمان، بتأجيل الجلسات إلى أجل غير مسمّى، بعدما كان مقرراً أن تُعقَد الجلسة اليوم.
وعزا خبراء في العلاقات الأميركية ــــ الإسرائيلية ذلك الإجراء إلى أن واشنطن وتل أبيب لا تتحمّلان أي شرخ في علاقاتهما بسبب أي من قضايا التجسّس، فيما تصعّدان حملتهما على إيران وحزب الله و«حماس».
هذا وكانت صحيفة «واشنطن بوست» قد نشرت في 7 أيار 1997، تقريراً عن وجود مسؤول كبير في إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون يعمل جاسوساً تحت اسم «ميغا». وقد كشفت عشيقة كلينتون، مونيكا لوينسكي، في إفادتها أمام المحقق الخاص بقضية علاقتها مع كلينتون في 29 آذار 1997، أنّ الرئيس الأسبق حذّرها من كون مكالمات البيت الأبيض الهاتفية تسجّل من جانب عملاء دولة أجنبية لم يسمّها.
كذلك، فإنّ مجلة «إنسايت» الأميركية، كشفت في أيار2000، عن أنّ نظام الاتصالات في البيت الأبيض قد جرى تحديثه في أوائل عهد كلينتون، وأنّ الشركة الأجنبية المشاركة في مشروع التحديث كانت شركة «أمدوكس» الإسرائيلية.
وعن هذا الموضوع، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ العديد من كبار المسؤولين الأميركيين الحاليين أو السابقين، تربطهم علاقات قوية بإسرائيل، وسبق لبعضهم أن عمل في الدولة العبرية إلى جانب عمله في منظمة «إيباك». ومن بين هؤلاء، المساعد الأسبق لوزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط، مارتن إنديك، والمنسّق الأسبق لعمليّة السلام، دنيس روس، والسفير الأميركي الأسبق لدى إسرائيل، دان كيرتزر، ومستشار الأمن القومي لنائب الرئيس السابق آل غور، ليون فيرث المقرّب من تكتل الليكود، والمدير السابق لمكافحة الإرهاب في البيت الأبيض ريتشارد كلارك.
واستناداً إلى مسؤولين أميركيين في مكافحة التجسّس، فإن مدير مكافحة التجسّس في الـ«أف بي آي» في أواخر التسعينيات، دايفيد زادي، استدعى مرّة رئيس «الموساد» في ذلك الوقت، داني ياتوم، وعنّفه، طالباً منه الكفّ عن التجسّس على الولايات المتحدة، الأمر الذي جعل زادي هدفاً لحملة الأوساط الموالية لإسرائيل في أميركا.