تغيُّب عبد الله ومبارك «رسالة واضحة» لدمشق تؤكّد «عدم الاتفاق» على كيفيّة مقاربة الأزمة اللبنانيّةدمشق، القاهرة ـ الأخبار
طغى الإعلان السعودي لخفض مستوى حضور القمّة العربية في دمشق إلى مرتبة سفير على الاجتماعات التحضيرية للقمة المرتقبة السبت المقبل، فيما بات غياب الرئيس المصري حسني مبارك الأكثر ترجيحاً، وهو ما أقرّ به مسؤولون سوريون، فيما بقيت عقدة التمثيل اللبناني معلّقة، ولا سيما أن المقعد اللبناني كان فارغاً أمس خلال اجتماع المندوبين العرب الدائمين لبحث الملفات الاقتصادية المطروحة على المؤتمر العربي.
وأعلن الممثل الدائم للسعودية في جامعة الدول العربية، أحمد بن عبد العزيز قطان، للصحافيين بعد اجتماع لممثلي الجامعة العربية في دمشق: «أنا سأرأس وفد السعودية إلى القمة».
ولا يبدو أن الإعلان السعودي فاجأ المسؤولين السوريين، إذ قال مسؤول سوري رفيع المستوى، لـ«الأخبار»، إن غياب الملك السعودي عبد الله «كان متوقعاً، ووضعنا السيناريوات الخاصة بكيفية التغلب على شكلية مراسم تسليم وتسلم رئاسة القمة من الملك الغائب إلى الرئيس بشار الأسد». وأوضح أن الأسد سيتولى رئاسة القمة مباشرة ولن يتسلمها من مندوب السعودية، مشيراً إلى أن الرئيس التونسي زين العابدين بن علي سبق أن دشن هذا النموذج بعدما رفض تسلم رئاسة قمة تونس عام 2005 من مسؤول أقل من الملك البحريني حمد بين عيسى آل خليفة الذي تغيَّب عن تلك القمةوفي ما يتعلّق بإمكان حضور الملك الأردني عبد الله الثاني، قال مسؤول سوري، لوكالة «يونايتد برس إنترناشونال»: «هناك احتمال كبير أن يشارك في القمة، نظراً لوجود قضايا لا يمكن تجاهلها، وخصوصاً ما يتعلق بتوطين الفلسطينيين، وهو أمر مشترك بين الأردن والعديد من الدول العربية، ولا سيما سوريا، وبالتالي لا بد للأردن من توثيق العلاقة مع دمشق».
ورأى المسؤول أن الأسباب التي أعلنت من بعض الدول لعدم حضور القمة، في إشارة إلى عدم انتخاب رئيس للبنان، «ليست صحيحة، وإن كانت هناك مشكلة فيجب أن نجتمع من أجل وضع حل للمشاكل، وخصوصاً أن القمة العربية تعقد من أجل وضع تصور حل للمشاكل». وأكد أن «سوريا لا تستطيع أن تعيِّن رئيساً للبنان»، مشدداً على أن الوضع اللبناني «هو في قائمة المشاكل الشائكة على مستوى المنطقة، وقد لا يوجد في الأفق حل سريع لها». وأشار إلى أن بلاده «لا يمكنها الضغط على أصدقائها في لبنان (المعارضة) لفعل ما لا يقتنعون به».
ورغم أن المندوب السعودي لم يعلن سبب خفض مستوى بلاده للقمة العربية، إلا أنه كان قد قال خلال اجتماع المندوبين: «نجتمع من دون رئيس للبنان من جراء التأجيلات المستمرة وغير المبررة للاستحقاق». وأضاف: «نتطلع إلى دور سوري فاعل لتحقيق وفاق وطني لبناني». ودعا العرب المجتمعين إلى تدارك «الفراغ الخطير» الناجم عن عدم انتخاب رئيس للبنان.
ولمّحت مصادر في القاهرة إلى تضامن مصري مع السعودية، ورأت أن حضور الرئيس المصري حسنى مبارك للقمة بات مشكوكاً فيه. وكشفت عن أن وزير الخارجية أحمد أبو الغيط سيتولى وفد بلاده إلى القمة، مشيرة إلى أن «التغيب المصري والسعودي هو رسالة واضحة إلى دمشق بأن كلاً من القاهرة والرياض لا تتفقان معها في الرأي بشأن كيفية معالجة أزمة الاستحقاق الرئاسي في لبنان».
وحذرت المصادر من خطورة تدهور العلاقات السورية ـــــ السعودية والسورية ـــــ المصرية أكثر بعد القمة، داعية دمشق إلى «النظر في حيثيات تمنُّع مبارك وعبد الله عن المشاركة في القمة».
من جهته، رأى أبو الغيط أن مخرج الأزمة اللبنانية هو في تنفيذ المبادرة العربية، مشيراً في الوقت نفسه إلى قرارات مجلس الأمن ذات الصلة. وقال، في مقابلة تلفزيونية: «لا يوجد حل إلا المبادرة العربية، ويجب أن تكون هي الأساس، وإذا بحثنا عن شيء آخر فسنغيب سنوات ونعود مرة أخرى إلى القضية نفسها».
وعن مشاركة مصر في القمة، قال أبو الغيط إن «شكل المشاركة لم يتحدد بشكل نهائي، لكن هناك مشاركة وإسهام مصري، ومصر ستسعى لإنجاح القمة». وأكد أن المشكلة اللبنانية ضاغطة على هذه القمة منذ فترة، وتساءل: «كيف ستكون المشاركة اللبنانية؟ وهل سيشارك لبنان؟ وهل سيستطيع البرلمان اللبناني أن ينتخب رئيساً؟».
وقال أبو الغيط: «إذا دخلنا القمة ولبنان غير موجود أو موجود بتمثيل صغير للغاية ولا يوجد رئيس لبناني، أعتقد أن هناك قوى عربية قد لا تكون سعيدة بهذا». وشدد على أنه «إذا لم تحل المشكلة اللبنانية بأسرع وقت ممكن، على الأقل مشكلة الرئيس، أخشى أن لبنان سيكون في وضع شائك قد يمتد لفترة زمنية غير معروفة نهايتها».
بدوره، شدد الأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، على أن الجامعة لا تتوقع حدوث تقدم كبير في اللحظة الأخيرة في لبنان قبل القمة العربية. وقال: «رجع الصدى... لا يعطيني في الحقيقة الانطباع بأن بإمكاننا أن نفعل أشياء كبيرة في اليومين المقبلين».
وقال موسى إنه إذا لم يحضر بعض القادة، فإن جميع أعضاء جامعة الدول العربية سيكونون على أقل تقدير ممثلين في القمة. وقال: «كل الدول ستحضر. إذا اختار بعض رؤساء الدول البقاء بعيداً، فسوف يكون هناك التمثيل المناسب لهم».
إلى ذلك، قالت مصادر سورية وليبية متطابقة لـ«الأخبار» إن الأسد تمنى على الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي حضور القمة. وأوضحت أن الأسد هاتف القذافي أمس وحثه على عدم المقاطعة.
وفي السياق، أعلن مجلس الوزراء الكويتي أن أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح سيرأس وفداً رفيع المستوى إلى أعمال القمة العربية.


الرياض مع تغليب «المصالح الوطنيّة» على «التحالفات الخارجيّة»
دعت السعوديّة، أمس، الدول العربية والإسلاميّة إلى «تغليب المصلحة الوطنية على التحالفات الخارجية، واستثمار العلاقات الدولية بما يخدم الوطن والأمة».
وقال وزير الثقافة والإعلام السعودي، إياد بن أمين مدني، في بيان أعقب جلسة الحكومة الأسبوعية، التي عقدت أمس برئاسة الملك عبد الله، إنّ المجلس «شدّد على أنّ الطريق الأمثل للتعامل مع التحديات التي تواجه الوطن العربي والأمة الإسلامية هو الصدق والوضوح في تناول القضايا العربية والإسلامية، والالتزام الأمين بما يتم من مواثيق وعهود».
وأضاف مدني أن «هذه المبادئ هي التي تؤسس لمواقف المملكة تجاه التطورات التي تشهدها الساحة الفلسطينية، وما يحدث في العراق وحالة الاستقطاب المستمرة في لبنان الشقيق والتي تحول دون استقراره السياسي واستقلال قراره الوطني». وأوضح أنّ المجلس أكّد «على دور المملكة الداعم والمناصر دوماً لكل ما من شأنه تكريس وحدة العالم العربي، والذود عن قضايا الأمة الإسلامية»، مشيراً إلى أنّ «الملك عبد الله أطلع في مستهلّ الجلسة، المجلس على مجمل المشاورات التي أجراها خلال الأسبوع الماضي مع عدد من قادة الدول ومبعوثيهم حول العلاقات الثنائية وقضايا المنطقة والشؤون العالمية».
(يو بي آي)