غزة ــ رائد لافي
عبّاس مع «تكثيف لقاءات التفاوض»... و«حماس» تهاجم «تحقيره للمقاومة»

فيما عاد التيار الكهربائي إلى غزّة بعد وصول «شحنة طارئة» من الوقود الصناعي كانت سلطات الاحتلال قد منعت دخولها أوّل من أمس، اخترقت نساء فلسطينيّات غاضبات نطاق الصمت للتنديد بالحصار المشدّد المضروب على القطاع، واقتحمن بوّابة معبر رفح الحدودي، بعد صدامات مع قوّات الأمن المصريّة، في الاحتجاج العنيف الأوّل على استمرار إغلاق المعبر منذ 7 أشهر.
وبعد يومين على تهديد «حماس» بأن استمرار الحصار سيؤدّي إلى انفجار في القطاع لن يدع «سدوداً أو حدوداً»، شاركت مئات النساء من ناشطات «الحركة النسويّة» الموالية لحركة «حماس»، وعشرات المرضى والمصابين، في اعتصام احتجاجي قبالة بوابة المعبر في الجانب الفلسطيني، قبل أن يتحول الاعتصام إلى صدامات عنيفة مع القوّات المصرية لدى محاولة المتظاهرات اقتحام البوابة، وتأمين خروج المرضى للعلاج.
وأصيبت نحو 60 امرأة فلسطينية بالإغماء وفقدان الوعي، جراء استخدام الهراوات وخراطيم المياه، بينما تمكنت نساء ومرضى من اقتحام البوابة، والوصول إلى الجانب المصري، غير أن قوات الأمن احتجزتهم لنحو ساعة قبل تأمين عودتهم للجانب الفلسطيني.
وحذّرت القاهرة الفلسطينيين من محاولة اقتحام معبر رفح، وشدّدت على ضرورة قيامهم «بالتوقف عن تصدير مشاكلهم الداخلية إليها». وأعرب المتحدّث باسم وزارة الخارجيّة المصرية، حسام زكي، عن «أسف مصر البالغ إزاء الأحداث التى شهدها معبر رفح»، مشيراً إلى أنّ «مصر تربأ بإخوانها الفلسطينيين أن يسيؤوا التصرف أو الحساب بمحاولة تصدير مشكلات داخلية إليها أو الضغط عليها لتحقيق مكاسب سياسيّة».
وفي وقت سابق، اضطر نواب «حماس» إلى استخدام الشموع لعقد جلسة للمجلس التشريعي قاطعتها باقي الكتل البرلمانية، لبحث أزمة الوقود وانقطاع التيار الكهربائي، وذلك بعد 3 أيام من الظلام الذي خيم على نحو 70 في المئة من سكان القطاع.
ودعا رئيس المجلس التشريعي بالإنابة، أحمد بحر، مجلس الأمن الدولي إلى «اتخاذ قرار عاجل بفك حصار عن قطاع غزة، وإدانة العدوان الهمجي لجيش الاحتلال الإسرائيلي وإجراءات الحصار المشددة». وجدّد دعوته لحركتي «فتح» و«حماس» إلى استئناف حوار وطني عاجل لمواجهة العدوان والحصار الإسرائيلي، موجهاً في الوقت نفسه التحية إلى فصائل المقاومة الفلسطينية على صمودها «الأسطوري» في وجه الاحتلال وعدوانه.
في غضون ذلك، رأى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إثر لقاء مع وزير الخارجيّة الهولندي ماكسيم فيرهاغن في رام الله، أنّ تخفيف إسرائيل للحصار الذي تضربه على غزة «غير كاف»، غير أنّه دان في الوقت نفسه «الصواريخ العبثية» التي يطلقها ناشطون من القطاع على إسرائيل.
وأوضح عبّاس أنّ «إسرائيل تغلق المعابر والصواريخ تعطي الذريعة لإقفالها»، وأكّد مجدداً أنّ «السلطة الفلسطينية مستعدة لتسلم المعابر من أجل فكّ الحصار، إلّا أنّ هناك من لا يريد لهذا الشعب أن يعيش حياة طبيعية، ونريد فتحها من أجل تسهيل حياة الناس للدخول أو الخروج للأفراد والبضائع».
وفي شأن المفاوضات مع إسرائيل، التي أطلقها مؤتمر أنابوليس، شدّد عبّاس على ضرورة استمرارها، وقال: «يجب أن نكثّف الاتصالات واللقاءات من أجل وقف معاناة شعبنا». وتساءل: «كيف يمكن أن نُقنع الطرف الثاني (إسرائيل) بأنّ شعبنا يعاني إذا أدرنا ظهرنا وقلنا لا للحوار مع الإسرائيليين؟»، مشيراً إلى أنّ «المفاوضات يجب أن تستمرّ ولا بد أن نصل في هذه السنة إلى حلّ يرضي شعبنا ويلبّي المطالب الوطنية للشعب ويحلّ كلّ القضايا كالقدس واللاجئين والحدود والدولة وغيرها».
في المقابل، شنّت «حماس» هجوماً عنيفاً على عباس. وشدّدت، على لسان المتحدّث باسمها فوزي برهوم، على أنّ «تحقير الرئيس عباس للمقاومة الفلسطينية ووصف صواريخ المقاومة بالعبثية هو إنكار لحق الشعب الفلسطيني في المقاومة الشرعية التي كفلتها لنا كل الشرائع والقوانين الدولية، ما دام هناك احتلال وعدوان شامل على شعبنا».
ورأى برهوم أنّ الرئيس الفلسطيني، بمثل هذه التصريحات، «يبرّر ارتكاب مزيد من هذه الجرائم على شعبنا، وتواطؤ صريح لاستمرار الحصار الظالم على غزة وحرمان أهلها أبسط حقوقهم المشروعة».
وفي هذا الوقت، لم تكترث فصائل المقاومة الفلسطينية بتهديدات قوات الاحتلال معاودة حظر دخول الوقود للقطاع، وواصلت عمليات إطلاق الصواريخ المحلية الصنع تجاه البلدات والأهداف الاسرائيلية المتاخمة للقطاع، داخل فلسطين المحتلة عام 48.
وأعلنت «سرايا القدس»، الذراع العسكرية لحركة «الجهاد الإسلامي»، قصف مستوطنة سديروت بصاروخين من طراز «قدس»، فيما أوضحت «كتائب المجاهدين في فلسطين» أنّها قصفت المدينة بصاروخ من طراز «حفص». وهو ما أكّده الجيش الإسرائيلي، نافياً وقوع أيّ إصابات.
واستشهد أمس المقاوم في «سرايا القدس»، محمود الغندور (31 عاماً)، متأثراً بجروح خطيرة أصيب بها قبل 3 أيام، خلال قصف مدفعي إسرائيلي استهدف مقاومين فلسطينيين في مخيم جباليا للاجئين، شمال القطاع.
وفي إطار أزمة الوقود وانقطاع التيار الكهربائي في غزّة، رفضت جمعية أصحاب شركات البترول والغاز في القطاع تسلم كمية السولار «الهزيلة»، بينما تسلّمت محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع كمية من الوقود الخاص لتشغيل التوربينات الخاصّة بتوليد الكهرباء.
وكانت سلطات الاحتلال قد أمرت بتزويد محطة التوليد بكمية من الوقود الخاص تكفي لتشغيلها لنحو 3 أيام، ونحو 45 ألف ليتر من السولار، و80 طناً من الغاز الخاص بالاستخدام المنزلي، بينما أبقت على حظر دخول البنزين.



جابت شوارع القاهرة وصنعاء وعمّان والخرطوم، تظاهرات شعبيّة مندّدة بالحصار المفروض على غزّة، كما سُجِّل يوم أمس مزيد من الانتقادات الرسميّة لما يحدث في الأراضي الفلسطينيّة، أبرزها كان شجب رئيس الوزراء التركي رجب طيّب أردوغان لتعرّض غزّة لـ«مأساة إنسانيّة»