معمر عطوي
عندما يعترف نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني بأن التقرير الأخير لوكالات الاستخبارات الأميركية، الذي أفاد عن توقف البرنامج النووي الإيراني العسكري في عام 2003، يمكن أن يعرقل الجهود الدبلوماسية التي تبذلها الولايات المتحدة في مواجهة طهران، فإن المسألة تستحق النظر بتمعّن أكثر في قضية العقوبات التي لا تزال محور مشاورات بين المديرين السياسيين للدول الست الكبرى (5+1).
المفارقة هنا هي أن تشيني، الذي حذَّر ايران سابقاً من «العواقب الوخيمة» التي يمكن أن تواجهها ما لم توقف تخصيب اليورانيوم، قد تراجع في خطابه بعد صدور التقرير الاستخباراتي، الى القول «أعتقد أنه من المهم أن نواصل الطريق ونحاول إقناع إيران بالوسائل الدبلوماسية».
أمام هذا «الصقر» الأميركي الوحيد الباقي الى جانب الرئيس جورج بوش، الذي يرى أنه مرشده الروحي، يصبح الحديث عن تبدُّل أو تليين في موقف كل من روسيا والصين، ضرباً من قصر النظر.
يدعم هذا الاستنتاج رأي للمستشار الرئاسي السابق لشؤون الشرق الأوسط، بروس ريدل، الذي يقول إن التقرير الاستخباري «ساند روسيا والصين في تأكيدهما على عدم امتلاك ايران برنامج أسلحة، ولن تؤيدا الآن عقوبات جديدة» ضد طهران.
وإذا كانت موسكو وبكين من الإساس قد حالتا لأشهر دون توصل القوى الكبرى الى اتفاق على عقوبات مشددة في مجلس الأمن ضد ايران، فإن التقرير الأميركي ذهب أبعد من ذلك بسحب مسألة العقوبات من التداول نهائياً، على الأقل في المدى القريب.
فمندوب الصين لدى الأمم المتحدة كان واضحاً، غداة صدور التقرير، عندما أكد أن الاتفاق المبدئي، الذي جرى التوصل اليه السبت في باريس بين الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا لصياغة مشروع قرار عقوبات جديد، قد يخضع للمراجعة في ضوء ما أفاد به تقرير الاستخبارات الأميركية.
أمّا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف فقد ذهب أبعد من ذلك، بقوله إن بلاده لا تملك معلومات تفيد أن إيران كان لديها برنامج نووي عسكري قبل عام 2003، مشيراً إلى أن التقرير الأميركي «سيكون عنصراً هاماً» يحسم قضية الحاجة الى فرض عقوبات جديدة على إيران. في المقابل، فإن الولايات المتحدة بذهنيتها «الإمبراطورية» المكابرة، وبريطانيا بما تحمله من إرث استعماري، تصرّان على السير في خيار العقوبات المشددة.
لكن ترنّح الصقر الأميركي يشير إلى أن جلسة مجلس الأمن في الثامن عشر من الجاري قد ترسي أسلوباً جديداً في التعامل مع «نظام الملالي»، على غرار ما فعله التقرير الجديد للاستخبارات.