strong>منذ انقضاء مهلة الستين يوماً التي حددتها الامم المتحدة لايران، في 21 شباط الجاري من اجل ان توقف عمليات تخصيب اليورانيوم، تتجه العلاقات بين طهران والعواصم الغربية نحو المزيد من التأزم، وخصوصاً بعد تشبيه الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد عمليات التخصيب بـ«القطار من دون فرامل»، في اصرار واضح على المضي قدماً في البرنامج النووي
أطلقت الدول الغربية الست المعنية بالملف النووي الإيراني، خلال اجتماع عقدته في لندن أمس، جولة جديدة من المحادثات في ما بينها، تستهدف الوصول إلى قرار دولي جديد، يشدد العقوبات على إيران، التي جددت رفضها وقف التخصيب، مشترطة طلباً رسمياً أميركياً من أجل أن تبحث الموافقة على إجراء محادثات ثنائية مع واشنطن.
وأعلنت وزارة الخارجية البريطانية، في بيان صدر بعد الاجتماع، أن الدول الست الكبرى (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا) والمانيا بدأت “العمل على قرار جديد من مجلس الامن الدولي”، بشأن برنامج ايران النووي، لكن “اي قرار لم يتخذ”. وأضافت: “اجرينا مناقشات أولى بناءة بشأن الخطوات التالية... بدأنا العمل على قرار جديد لمجلس الامن”.
ولم يتوافر على الفور مزيد من التفاصيل، لكن من المرجح ان تبحث القوى الكبرى فرض حظر على سفر المسؤولين الكبار في إيران وفرض قيود على الأعمال التجارية غير النووية.
وقال المدير السياسي البريطاني جون ساورز، في ختام هذا اللقاء: “لقد اجرينا محادثات اولى مثمرة حول المراحل المقبلة بعد تأكيد الوكالة الدولية للطاقة الذرية ان ايران لم تحترم القرار 1737”. واضاف، في بيان: “اننا جميعا عازمون على البحث عن حل تفاوضي، ولم يتخذ اي قرار. لقد شجعتنا جدية المحادثات. وستتواصل مع اتصالات اخرى لاحقاً هذا الاسبوع”.
وفي واشنطن، اعلنت وزارة الخارجية الاميركية ان الدول الست الكبرى ستعقد مؤتمراً عبر الهاتف الخميس على امل التوصل الى اتفاق على البنود الواجب ادخالها في مشروع قرار جديد لمجلس الامن الدولي حول ملف ايران النووي.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية، شون ماكورماك، قد أعلن قبل اجتماع لندن، ان اجتماع المدراء السياسيين للدول الست “يشكل اول سلسلة من المناقشات الرسمية” بعد رفض طهران تعليق تخصيب اليورانيوم كما طلبت منها الامم المتحدة.
واوضح “نعتقد انهم سيجتمعون مجدداً في القريب العاجل شخصياً أو عبر الهاتف على المستوى نفسه”.
وكانت وزارة الخارجية البريطانية قد قللت من اهمية اجتماع امس، موضحة انه سيتضمن “مناقشة اولية” لن تفضي الى اي قرار فوري. واوضحت متحدثة باسم الخارجية، لوكالة “فرانس برس”، ان “اي قرار يتخذ او يقترح خلاله يجب ان يحصل في ما بعد على اذن على المستوى الوزاري”.
في هذا الوقت، نظم أنصار جماعات المعارضة الايرانية احتجاجاً محدوداً في العاصمة البريطانية، لم يتجاوز الـ50 متظاهراً، خارج مبنى وزارة الخارجية. وقال المتحدث باسم المجلس الوطني للمقاومة الايرانية في المملكة المتحدة، حسين عبداني: «نحن وأنصار حركة المقاومة الايرانية الرئيسية نتظاهر اليوم ضد الدكتاتورية الايرانية، ونحن نطالب الدول الخمس الدائمة العضوية إضافة الى ألمانيا ونحذرهم بأنه يتعين عليها تبني سياسة بالغة الصرامة والحزم وفرض عقوبات شاملة وكاملة.. عقوبات دبلوماسية وتكنولوجية كاملة.. ضد النظام الايراني».
وفي طهران، قال المتحدث باسم الحكومة الايرانية، غلام حسين الهام، في مؤتمره الصحافي الاسبوعي، ان مطالبة مجلس الامن لايران بتعليق عمليات تخصيب اليورانيوم طلب «غير مشروع وغير منطقي». واضاف أن «على الحكومة واجب التحرك وفقاً للارادة الوطنية وطلب التعليق لا يتفق مع كرامة الايرانيين».
أما امين المجلس الأعلى للأمن القومي علي لاريجاني فقال من جهته ان ايران على استعداد لأن تبحث «بنظرة ايجابية» طلباً رسمياً اميركياً للتفاوض، إلا انها ترفض شرط التعليق المسبق لتخصيب اليورانيوم.
ونقلت وكالة «ارنا» عن لاريجاني قوله من بريتوريا حيث يقوم بزيارة رسمية: «اذا قدمت الولايات المتحدة طلباً للتفاوض عبر قنوات رسمية، فإننا على استعداد لبحث هذا الطلب بإيجابية». لكنه اوضح ان «وضع شرط يعني اننا نريد حسم نتائج المفاوضات مسبقاً، ولهذا السبب، فإن هذه السياسة لم تعط نتيجة حتى الان».
اما نائب وزير الخارجية سعيد جلالي فقد رأى من جهته أن على الدول العظمى «تبديد مخاوف ايران وكسب ثقتها»، حسبما نقلت عنه وكالة «فارس» للانباء.
واضاف جلالي: «قمنا باللازم لتبديد قلقها وعليها الآن تبديد قلقنا وكسب ثقتنا»، مشيراً إلى أن طهران تشعر بالقلق لأن القوى الغربية تسعى في الواقع «إلى حرمان ايران حقها في التكنولوجيا النووية».
من جهة أخرى، أعلن مقرر لجنة الميزانية في إيران، محمد مهدي مفتح، أن اللجنة صوتت على اقتراح الحكومة باعتماد 12 ألف مليار ريال (حوالى مليار وثلاثمئة مليون دولار) لاستخدامها في دراسة وبناء محطات نووية في إيران.
ونسبت «ارنا» الى مفتح قوله ان اللجنة قررت اعتماد نسبة 10 في المئة من هذا المبلغ لإعداد الكوادر المتخصصة وتدريس العلوم والاختصاصات النووية عن طريق عقد اتفاقيات مع الجامعات الإيرانية.
ومن المقرر أن يكون الملف النووي غداً محور لقاء بين رئيسي السودان عمر البشير وايران محمود احمدي نجاد في الخرطوم، حيث ستتناول المحادثات أيضاً سبل توطيد العلاقات الثنائية، وخصوصاً ان ايران والسودان يتشاركان في مواجهة الضغوط الدولية، ولا سيما الاميركية.
وقال المستشار الرئاسي السوداني، مصطفى عثمان اسماعيل، عشية الزيارة، ان “السودان وايران مستهدفان، ويجب ان يواجها ذلك عبر جهد دبلوماسي يهدف الى شرح مواقفهما بشكل افضل في التجمعات الاقليمية والدولية”.
وقال السفير الايراني لدى الخرطوم، رضا اميري: “لا توجد حدود لتطوير العلاقات بين السودان وايران”.
إلى ذلك، بلغ عدد قتلى الطائرة الايرانية، التي اسقطها عناصر من حزب العمال الكردستاني الجمعة الماضي شمال غرب ايران، 14 عنصراً من افراد الجيش النظامي وحراس الثورة الاسلامية، بينهم اثنان برتبة عالية، حسب وكالة الانباء الطلابية الايرانية. ووقع هذا الحادث خلال مواجهات مسلحة في المنطقة التي تبعد 17 كيلومتراً عن الحدود التركية، مع عناصر كردية تسللت الى ايران من الحدود العراقية والتركية.
(أ ف ب، رويترز، أ ب، يو بي آي)