صوّت الأتراك أمس بـ«نعم» على تعديل دستوري يجعل رئيس الجمهورية مُنتخباً مباشرةً من الشعب بدلاً من البرلمان، وذلك بعد 3 أشهر من الانتخابات التشريعية العامة التي حقّق فيها حزب «العدالة والتنمية» ذو الجذور الإسلامية فوزاً ساحقاً.وبعد فرز 45.4 في المئة من أصوات المقترعين، وصلت نسبة الـ«نعم» إلى 72 في المئة على التعديل الذي تقدّم به حزب «العدالة والتنمية».
ولم تتخطّ نسبة المشاركة في الاستفتاء 28.1 في المئة، من أصل نحو 42.6 مليون ناخب كانوا مدعوّين للمشاركة في الاستفتاء. وقلّما يدعى الأتراك إلى المشاركة في استفتاء عام، ويعود آخرها إلى عام 1988. لذا، كما كان متوقعاً، لم يشهد الاقتراع إقبالاً، ولا سيما أن غالبية الأتراك لا يعلمون بشأنه. ومنذ أيام، تبث محطات التلفزة تحقيقات تظهر أنّ قلّة من الناخبين على دراية بموضوع الاستفتاء.
ويُنتخب الرئيس التركي بموجب الدستور من جانب البرلمان. لكنّ التعديل الجديد المُقترح سينقل هذا الحق إلى الشعب مباشرة. وقد حاول البرلمان التركي سابقاً، الذي كان (ولا يزال) يسيطر عليه حزب «العدالة والتنمية»، أن يمرّر مشروع تعديل الدستور عبر التصويت عليه في المجلس، لكن الرئيس العلماني السابق أحمد نجدت سيزر استخدم حق الفيتو ليمنع إقرار قانون التعديل، ما يعني بموجب الدستور إحالة القانون إلى الاستفتاء العام ليحسم الشعب المسألة.
وبدأ الخلاف على طريقة انتخاب رئيس الجمهورية بين حزب «العدالة والتنمية» والعلمانيين الذين يدعمهم الجيش وقت محاولة انتخاب خلف لسيزر في أيار الماضي. ورشح الحزب الحاكم عبد الله غول، ما أثار مخاوف العلمانيين من تغيير معالم دولتهم وفرض القيم الإسلامية.
وفي تموز من العام الجاري، استطاع حزب العدالة والتنمية أن يحقّق فوزاً ساحقاً في الانتخابات العامة، ما سمح له بتسمية غول رئيساً للجمهورية في آب وتأمين وصوله إلى سدة الرئاسة، بعدما امتنع الجيش عن استخدام نفوذه للحؤول دون ذلك. وعلى الرغم من انتخاب غول، رفضت الحكومة برئاسة رجب طيب أردوغان إلغاء الاستفتاء.
وبمجرّد التصويت بـ«نعم» من جانب نصف الناخبين على التعديل المقترح، سيُنتخب الرئيس المقبل لتركيا عام 2014 مباشرة من الشعب ولمدة 5 سنوات بدلاً من 7. كما ستُجرى الانتخابات العامة كل 4 سنوات بدلاً من 5. ونتيجة الاستفتاء لن تؤثر على وضع غول كرئيس للجمهورية، فهي تعني الرئيس المقبل الذي سيخلفه بعد 7 سنوات.
ودعا أردوغان الناخبين إلى الاستفتاء بـ «نعم» على التعديل المقترح، قائلاً إنّه سيعزّز الديموقراطية والمحاسبة. وكذلك انضمّ إليه حليفه غول الذي دعا أمّته، في بيان أسبوعي، إلى الموافقة على القانون قائلاً إنّ «من المهم لأمّتنا ولديموقراطيتنا أن يعبّر الشعب عن رأيه في التعديلات الدستورية».
ويسعى أردوغان إلى وضع دستور جديد يحل مكان الدستور الحالي، الذي وضعه الجنرالات إثر الانقلاب الذي نفّذوه عام 1980.
ويُعارض هذا الاستفتاء العلمانيون الذين حشدوا للتصويت بـ«لا» للتعديل، مبرّرين سبب رفضهم أنّه سيؤثر على توازن المؤسسات الدستورية، ومحاججين بأن انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب سيعطيه مشروعية توازي مشروعية البرلمان.
والنظام البرلماني التركي يعطي الحكومة والبرلمان الصلاحيات الدستورية الأساسية، أمّا رئيس الجمهورية فيملك حق النقض على القانون الذي يمكن أن يقرّه البرلمان، وفي هذه الحال يصبح استفتاء الشعب هو الحكم، إذا ما أصرّ البرلمان على موقفه بالتصويت مرّة ثانية على القانون. كذلك يحقّ للرئيس إجراء تعيينات في مراكز رسمية كبيرة في البلاد وهو القائد الأعلى للقوّات المسلّحة.
(أ ب، رويترز، أ ف ب)