لم تنتهِ سلسلة التقارير الأميركية الرسمية في شأن العراق بعد، إذ قدّمت وزارة الدفاع (البنتاغون) أول من أمس تقريرها إلى الكونغرس، مؤكدة أن التقدم السياسي في بلاد الرافدين «لا يزال متوقفاً رغم تعزيز عدد القوات الأميركية»، ومحذرة من أن تحسن الوضع الأمني ليس كافياً لكسب الحرب.وجاء في التقرير الفصلي حول الاستقرار والأمن في العراق، أن تعزيز القوات الأميركية أدّى إلى تحسّن الوضع الأمني بما يشمل تراجع أعمال القتل الطائفي وتدنّي عدد الهجمات. لكنه أوضح أن «تحسين الأمن والاستقرار ليس كافياً لكسب الحرب ضدّ المتمرّدين، ما يوجب إحراز تقدّم سياسي سريع لتعزيز وإكمال التقدّم في ضمان أمن الشعب العراقي». ورأى أنه «لم يسجّل تقدم سياسي يُذكَر على المستوى الوطني في مجال تمرير قوانين مهمة وتطبيق الإصلاح الحكومي». وأضاف التقرير أن «آفاق النجاح في المستقبل القريب متوقفة على عودة الكتل السياسية الرئيسية إلى حكومة (نوري) المالكي».
في هذا الوقت، سعى الرئيس جورج بوش، أمس، إلى الحصول على دعم منظمات أهلية لممارسة الضغط على الكونغرس أملاً بنيل الدعم لاستراتيجيته القائمة على الإبقاء على عدد كبير من قوات احتلاله في العراق.
وقال بوش، في تصريح من البيت الأبيض توجّه فيه إلى منظمات تدعم المقاتلين القدامى والعسكريين، «أشكر توجهكم إلى الكابيتول (مقر الكونغرس في واشنطن). وإليكم الرسالة التي أرغب في أن تنقلوها: القائد (الأعلى للقوات المسلّحة أي بوش نفسه) يريد أن ينجح، وهو يأخذ على محمل الجد توصيات قادتنا العسكريين». ويحاول الرئيس الأميركي إيجاد بدائل لمواجهة الجهود التي يبذلها الديموقراطيون، الذين يملكون غالبية مقاعد الكونغرس، لتقصير مدة التدخل الأميركي في العراق أو وضع حد له. وقال بوش «أطلب من الكونغرس دعم مستوى الالتزام العسكري والاستراتيجيات التي وضعتها».
إلى ذلك، أجرى القائد الأعلى لقوات الاحتلال في العراق الجنرال ديفيد بيترايوس محادثات أمس مع رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون ووزير خارجيته دايفيد ميليباند أثناء عودته إلى بغداد من واشنطن، وسط توقّع المحلّلين بأن يكون اللقاء هدف إلى تخفيف حدّة التوتّر التي أكّدت تقارير إعلامية وعسكرية عديدة صدرت أخيراً أنه نشب بين الدولتين على خلفية قرار لندن سحب جميع قواتها من محافظة البصرة قبل نحو شهر.
في المقابل، نصح وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس أول من أمس المسؤولين في بلاده بالصبر أمام «إخفاق العراقيين في التقدّم بسرعة في المسار الديموقراطي»، مبرّراً هذا الإخفاق من خلال إقامة مقارنة بين الوضع العراقي الحالي، وذلك الذي رافق المرحلة التأسيسية التي عاشتها الولايات المتحدة في تاريخها.
وأشار غيتس، أمام أكاديميين وسياسيين من 16 دولة يشاركون في المنتدى العالمي «مستقبل الديموقراطية» الذي يُعقَد في جامعة فيرجينيا، إلى أنّ «الأميركيين لم يكونوا يوماً شعباً صبوراً، لكن اليوم يجب أن يتحلّوا بالصبر لأن العراقيين يعيشون مرحلة انتقالية في مسيرة بناء مؤسساتهم الديموقراطية».
كما اعتبر أنّ انسحاب قوات بلاده من العراق والشرق الأوسط عموماً، «سوف يخون الآمال التي زرعناها عند شعوب المنطقة وسيكون عملاً لاأخلاقياً من جانبنا لأنه سيؤدّي إلى إيصال المنطقة إلى حالة فوضى عارمة وسيغذّي أعداءنا في المنطقة» وإن أقرّ بأن بلاده تعاملت أحياناً مع «أكثر الأنظمة التي لا تحترم حقوق الإنسان».
(أ ب، أ ف ب، يو بي آي)