نيويورك ــ نزار عبود
الرياض لم تحسم حضورها و«الجامعة» ترحّب بدعوة سوريا وأبو الغيط يرى مؤشرّات «مشجّعة»


أعلنت اللجنة الرباعية الدولية أمس دعمها للمؤتمر الدولي للسلام، الذي أكدت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس دعوة سوريا إليه، باعتبارها عضواً في لجنة المتابعة العربية لمبادرة السلام، وإن وضعت شروطاً للمشاركة، بينها نبذ العنف، فيما لم تحسم الرياض قرار حضورها من عدمه، رغم تأكيد واشنطن أنه سيبحث قضايا «جوهرية».
وعبّرت اللجنة الرباعية (الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة)، في بيان بعد اجتماع أول من أمس في نيويورك، عن «دعمها لمشروع الاجتماع الدولي» الذي دعا الرئيس الأميركي جورج بوش إلى عقده في تشرين الثاني المقبل. وقالت إنها «ستعمل من أجل نجاحه وتطبيق ما يتوصل إليه».
ولم تذكر اللجنة الرباعية القرار الإسرائيلي الأخير بإعلان قطاع غزة «كياناً معادياً»، لكنها أعربت عن «قلقها» للظروف الحياتية فيه، و«دعت إلى تأمين الخدمات الأساسية باستمرار». وذكّرت اللجنة الرباعية بأن من «الضروري استمرار المساعدة الإنسانية والمساعدة العاجلة من دون عوائق».
وفي مؤتمر صحافي مشترك مع مبعوث اللجنة الرباعية الدولية طوني بلير، جدّدت رايس الإشارة إلى دعوة لجنة المتابعة العربية، التي تضم لبنان وسوريا، إلى مؤتمر السلام، لكنها شدّدت على أن الاجتماع مكرّس «للحل الثنائي الذي أرسى الفلسطينيون والإسرائيليون أسسه، والذي يتضمن ما يكفي من الزخم». وأضافت: «لا بد للاجتماع أن يأخذ بالاعتبار حقيقة أنه ينبغي أن يكون هناك سلام شامل». ورأت أن «أي سلام ينبغي أن يرتكز إلى مبادئ قراري مجلس الأمن الدولي 242 و338 وخريطة الطريق والمبادرة العربية».
وقالت الوزيرة الأميركية إن «الولايات المتحدة ما كانت لتدعو إلى مؤتمر الشرق الأوسط لو لم يكن سيؤدي إلى نتائج جادة وجوهرية»، وسيتناول القضايا الأساسية المتعلقة باللاجئين الفلسطينيين والقدس والحدود.
ونفت رايس أن تكون الدعوات قد وُجّهت بالفعل إلى أطراف لجنة المتابعة العربية. وقالت: «لم نرسل دعوات بعد، لكن طبيعي أن نأمل أن المشاركة ستشمل أعضاء لجنة المتابعة العربية المكلفة من الجامعة العربية». وتابعت: «إننا ندرك أن القادمين إلى الاجتماع مهتمون بالعمل من أجل إيجاد حل وإنهاء العنف. الحضور إلى الاجتماع يحمل أيضاً مسؤولية». وأضافت: «نأمل أن يكون هؤلاء المشاركون ملتزمين حقاً بمساعدة الإسرائيليين والفلسطينيين على إيجاد مخرج. وهذا يعني نبذ العنف، ويعني العمل من أجل التوصل إلى حل سلمي».
ولم يتغيّر موقف رايس المتشدد حيال سوريا، التي دعتها إلى «تغيير سلوكها المؤذي في المنطقة»، وطالبتها «بتقبّل دور المجتمع الدولي المصرّ على إجراء الاستحقاق الدستوري في لبنان من دون تحدٍ لسيادته». وجدّدت التنديد بسماح سوريا «بعبور الإرهابيين إلى العراق». ودعتها إلى التخلي عن «أولئك الذين لا يقبلون بمشروع الدولتين»، في إشارة إلى فصائل المقاومة الفلسطينية.
ورداً على سؤال عما تردد عن «برنامج نووي سوري»، قالت رايس إن «بلادها لا تخفي قلقها من موضوع انتشار الأسلحة النووية في المنطقة عامة. لكنني لن أرد على أمور محددة، رغم أنني قرأت التقارير الصحافية». وأضافت: «إننا قلقون من بعض النشاطات الخطرة في المنطقة».
بدوره، قال بلير «إن الأمور تتحرّك مرة أخرى في الشرق الأوسط»، مشيراً إلى «إحياء العملية السياسية التي تعيد الثقة إلى عملية السلام». وقال إن مفاوضات أولمرت ـــــ عباس التي تحركت نحو مناقشة الهياكل المؤسسية لإقامة دولة فلسطينية والتطورات الأخرى على الأرض منحت الأمل بأن «الأمور تتجه نحو التغيير».
من جهته، دافع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن صفقات الأسلحة بين بلاده وسوريا، ولم يتقبل الاتهامات بأن الأسلحة التي تتلقاها دمشق تصل إلى منظمات أخرى. وقال إن «صفقات السلاح لا تخل بالتوازن في المنطقة، وإنها دفاعية وتحتاجها سوريا، وهي مرتبطة بعقود واضحة الشروط بعدم جواز انتقالها إلى طرف ثالث».
وفي ختام الاجتماع، التقى وزراء خارجية الرباعية مع ممثلي لجنة المتابعة العربية على مائدة إفطار ضمت الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، ووزيري الخارجية السعودي، الأمير سعود الفيصل، والمصري أحمد أبو الغيط، فضلاً عن العديد من السفراء العرب، بينهم المندوب السوري بشار الجعفري.
وقال الفيصل، بعد الاجتماع، إنه «لاقى تفهّماً في عدد من النقاط المطروحة، لكن لا تزال هناك نقاط تحتاج إلى إيضاحات لكي تصبح المشاركة في مؤتمر واشنطن ممكنة».
وأضاف الفيصل، في حديث إلى قناة «العربية» السعودية، أن «الموقف من المؤتمر الدولي سيبحث جماعياً في المجموعة العربية، وفي إطار اللجنة العربية المسؤولة عن إعطاء دفع للمبادرة العربية التي ستبحث التفاصيل».
وفي السياق، أفاد مصدر رسمي سعودي، لوكالة «فرانس برس»، بأن السعودية لم تتخذ موقفاً بعد من حضور المؤتمر الدولي. وقال: «حتى الآن، لم تقرر المملكة موقفاً من حضور المؤتمر الدولي، وهي في انتظار وضوح الصورة في شأن جدول أعمال هذا المؤتمر وأهدافه».
أما أبو الغيط فقال من جهته إنه يتوقع حضور «غالبية» الدول العربية التي ستُدعى. وأضاف أن «التوضيحات التي قدمتها وزيرة الخارجية الأميركية تعدّ مشجعة، وتدعو إلى الاعتقاد بوجود نية جادة لتحقيق تقدم حقيقي في مسار التفاوض الفلسطيني ـــــ الإسرائيلي».
ورحب الأمين العام المساعد للجامعة العربية محمد صبيح بدعوة سوريا إلى الاجتماع الدولي، مشيراً إلى أنها «خطوة إلى الأمام». إلا أنه شكّك بنجاح المؤتمر الدولي «إذا استمرت الولايات المتحدة باعتماد معايير مزدوجة في التعامل مع الإسرائيليين والفلسطينيين»، مشيراً إلى أن المنطقة «قد تشهد أياماً صعبة».