القاهرة ــ الأخبار
كشفت مصادر عربية رفيعة المستوى لـ “الأخبار” أمس النقاب عن أن وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، التي التقت وزراء خارجية مصر والإمارات والسعودية والأردن في أسوان جنوب مصر أول من أمس، اقترحت عليهم إمكان عقد قمة مصغرة بحضور قادة الدول الأربع مع رئيس الحكومة الإسرائيلية ايهود اولمرت.
وأوضحت المصادر أن رايس قدّمت اقتراحها في هذا الصدد في معرض طلبها من المجتمعين القيام “بخطوات عملية وبنّاءة لتصفية الصراع العربي الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط” وفقاً لرؤية الرئيس الأميركي جورج بوش بشأن إقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية.
وكانت رايس قد عقدت أيضاً اجتماعاً مغلقاً مع رؤساء أجهزة الاستخبارات في مصر والسعودية والأردن والإمارات، حيث وضعتهم في صورة الوضع في العراق والحاجة إلى قيام العرب بخطوات عملية لمساعدة الدور الأميركي هناك، إضافة إلى شرح وجهة النظر الأميركية حيال ملف البرنامج النووي الايراني.
وعلمت “الأخبار” أن الاجتماع بحث أيضاً في سبل منع تدفّق أي أموال بصورة غير مشروعة إلى حكومة رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية بدعوى أن الإدارة الأميركية لا تريد استخدام هذه الأموال في تمويل عمليات استشهادية محتملة قد يقوم بها محسوبون على “حماس”.
وكانت رايس قد قالت في المؤتمر الصحافي المشترك، الذي عقدته مع نظيرها المصري احمد أبو الغيط عقب لقائها الرئيس المصري حسني مبارك في أسوان، إنه “في ما يخص مبادرة السلام العربية المعلنة بقرار قمة بيروت عام 2002، فإن الولايات المتحدة لا تطلب من العرب تغيير مبادرتهم، لكن الدول العربية يجب أن تبذل قُصارى جهدها للمساعدة على تحقيق اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين”. وقالت “لم أطرح تعديل المبادرة العربية، ما قلته هو أنني آمل أن تكون هناك طريقة لجعلها أساساً لدبلوماسية النشطة”.
ورأت رايس أن المبادرة العربية خطوة مفيدة، مشيرة إلى أنها تحدثت إلى وزراء الخارجية العرب عن كيفية أن يساعد الجانب العربي الإسرائيليين حقاً على العمل من أجل إقامة دولة فلسطينية. وأعربت عن أملها في أن “تبحث كل دولة بعمق كبير من أجل أن ترى ما عساها أن تفعله في هذا الوقت الحاسم”.
ودافعت رايس عن السياسة الأميركية في المنطقة، وقالت إن الرئيس جورج بوش واجه منذ توليه منصبه “وضعاً حرجاً للغاية في الشرق الأوسط” وأنه “عمل بصبر لمحاولة وضع أساس أفضل بالنسبة إلى السلام يتضمن تأسيس دولة فلسطينية”.
وأشارت رايس إلى أن “الشعب الفلسطيني انتظر كثيراً بقدر يسمح له بأن تكون لديه دولة خاصة به”، مضيفة إن “الشعب الاسرائيلي انتظر كثيراً أيضاً من أجل السلام والاستقرار”.
ورأت رايس أن هناك فرصة سانحة الآن للتحرك نحو تسوية نهائية بين الفلسطينيين والاسرائيليين. وقالت “إننا نعتقد أنه في هذه المرحلة، ورغم الصعوبات، فإن هناك فرصة ماثلة أمامنا للدفع باتجاه حل على أساس دولتين”.
ووصفت وزيرة الخارجية الأميركية مباحثاتها مع مبارك بأنها “إيجابية وجيدة”، مضيفة إنها “تركزت حول طريقة بناء شرق أوسط أكثر سلاماً واستقراراً”. وقالت “لقد ناقشت مع مبارك، على نطاق شامل، القضايا الإقليمية وعلى رأسها القضية الفلسطينية”، مشيدة بالجهود المصرية في محاولة المضي قدماً لتحقيق حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية.
وفي ما بدا موقفاً مبدئياً لا يتعارض مع المنطق الأميركي، ذهب وزير الخارجية المصري إلى أن الدول العربية مستعدة للتفاوض مع إسرائيل إذا قبلت بالمبادرة العربية كنقطة بداية، لكنه أشار إلى أن الدول العربية مع ذلك لن تعدّل مبادرتها قبل أن تخطو إسرائيل الخطوة الأولى، التي لم يفصح عن ماهيتها.
وقال أبو الغيط إن المرحلة المقبلة ستشهد “خطوات عملية” تجاه “الوفاق” الإسرائيلي الفلسطيني. وأضاف إنه تم التطرق خلال لقاء مبارك ورايس “إلى الوضع في العراق ومسألة دارفور والمسألة اللبنانية والملف النووي الايراني، حيث كان لنا نقاش مركّز في مسألة منع الانتشار النووي في منطقة الشرق الأوسط”.
وقال مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد ولش إن رايس تحدثت خلال اجتماعاتها إلى مسؤولي الدول العربية الأربع عن “أهمية المصالحة العربية الإسرائيلية كعنصر في توسيع السلام وكذلك في المساعدة على إقامة مسار (للمفاوضات) بين الإسرائيليين والفلسطينيين”.
وقال مسؤول رفيع في وفد الوزيرة الأميركية، طلب عدم ذكر اسمه، إن مناقشات رايس مع مسؤولي الرباعية العربية تناولت أيضاً “قدرة حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية التي أُلّفت أخيراً على البقاء”، وضعف القيادات الحالية في اسرائيل والمخاوف من تدخل الاستخبارات الإيرانية في العراق ولبنان والأراضي الفلسطينية.
وقال مسؤول أميركي آخر، طلب عدم نشر اسمه، إن هناك تخوفاً بين المسؤولين العرب من ألّا تفضي مبادرة السلام العربية الى شيء وهم يقوّمون كيفية إحراز تقدم في شأنها. وأضاف “اكتشفت (رايس) وجود روح هناك لإعادة تأكيد المبادرة العربية”.