القاهرة ــ عبد الحفيظ سعد
لم يمنع التجاذب الأمني والسياسي القوي بين جماعة «الإخوان المسلمين» والسلطة المصرية حالة التناغم والتنسيق دفاعاً عن استمرار المادة الثانية من الدستور، التي تنص على أن الإسلام هو المصدر الرئيسي للتشريع، في وقت تتوقع فيه مصادر «إخوانية» أن يعاد اعتقال بعض القياديين الذين صدر قرار عن المحكمة بالإفراج عنهم أمس.
وكشفت مناقشات نظمها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان أول من أمس، التي عقدت تحت عنوان «تعزيز الحق في المواطنة في ضوء المادة الثانية من الدستور»، عن حالة التوافق بين «الإخوان» والحزب الحاكم. والتقى رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشعب وممثل الحزب الوطني، مصطفى الفقي، مع النائب عن كتلة «الإخوان المسلمين» أحمد أبو بركة على هذه النقطة، فيما اختلف معهما القس الإنجيلي رفعت فكري، الذي أشار إلى أن المسيحيين في مصر يشعرون بأن مواطنتهم منقوصة.
غير أن الفقي كشف عن قيام الحزب الحاكم بإجراء مشاورات مع عدد من رموز الأقباط، وأنهم تفهموا موقفه بالإبقاء على المادة الثانية، موضحاً أن «أقطاب المسيحيين رفضوا خلال المشاورات المطالبة بإلغاء المادة الثانية».
في المقابل، اعترض القس فكري على كلام الفقي. وقال إن «هؤلاء لا يعبرون عن مجموع الأقباط المسيحيين والمادة الثانية تبقي على حالة الطائفية في المجتمع». ورد النائب أبو بركة أن المادة الثانية الخاصة بالشريعة الإسلامية لا تمثل خطورة، لأن الدين الإسلامي يحافظ على الحقوق. وقال إن «الهدف في الإبقاء على المادة الثانية يمثل ضماناً لثوابت الأمة والأوضاع في الدين الإسلامي ويختلف عما حدث في أوروبا»، مشيراً إلى أن «العبث في المادة الثانية سيعد خطاً أحمر لدى جميع المصريين».
من جهة ثانية، أصدرت محكمة جنايات القاهرة قراراً بالإفراج عن النائب الثاني للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، خيرت الشاطر، المسجون احتياطياً منذ كانون الأول الماضي بتهم بينها غسيل الأموال والانتماء لجماعة محظورة. وشمل قرار الإفراج 15 آخرين من القياديين الذين وجهت إليهم نيابة أمن الدولة العليا تهمة الانقلاب على نظام الحكم.
إلا أن مصدراً في “الإخوان” توقع أن تصدر أوامر اعتقال مجددة بحق المفرج عنهم، وخاصة أن الحكم صدر بالإفراج عن الشاطر والآخرين بعد يوم من صدور قرار من النائب العام عبد المجيد محمود يمنع 29 من الأعضاء القياديين في الجماعة، بينهم المحكوم بالإفراج عنهم، من التصرف في أموالهم.
وستنظر المحكمة في قرار النائب العام اليوم لتقرر إذا ما كان المنع من التصرف في الأموال استند إلى مبررات قانونية تكفي لاستمرار العمل به.
وأكد أحد محامي “الإخوان”، عبد المنعم المقصود، لـ“الأخبار”، “أن القانون يلزم أجهزة الأمن بالإفراج عن الشاطر والمجموعة المفرج عنها”، مضيفاً أنه “لكي يمنع القرار، لا بد أن يصدر قرار اعتقال جديد بناء على قانون الطوارئ”.
وفي المقابل، تصعد أجهزة الأمن ضرباتها للبنية التحتية للتنظيم كلما اقترب موعد إقرار التعديلات الدستورية، التي ستعقبها صدمة حل مجلس الشعب قبل نهاية العام، لتصفية الوجود “الإخواني” في البرلمان، باعتبار أن الانتخابات المقبلة ستجري وفق نظام القوائم الحزبية، ولن يسمح لمستقلين غير مندرجين تحت ألوية الأحزاب الرسمية بالترشح. كما سترفض الشعارات على أساس ديني.
وكانت أجهزة الأمن ألقت القبض على الشاطر يوم 14 كانون الأول الماضي ضمن حملة اعتقالات طالت أيضاً قياديين وكوادر في الجماعة المحظورة، بعد تظاهرات قالت السلطات إنها شملت عرضاً عسكرياً قام به طلبة الجماعة في جامعة الأزهر.
وقالت مصادر قضائية إن المحكمة أمرت بإسقاط كل التهم ضد الشاطر و15 آخرين من أعضاء الجماعة وإطلاق سراحهم فوراً.