على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

كتبتُ من قبل في مديح رفيق الخوري. ذكرتُ أنّني كنتُ مواظباً على قراءته في سنواتي في لبنان وأنّه في كتاباته في «الأنوار» عرّفني إلى محلّلي السياسة في الصحافة الأميركيّة. كان يتمتّع بالرصانة ورأَسَ تحرير مجلّة «الصيّاد» في مرحلتها الذهبيّة عندما كان توجّهها قومياً عربيّاً مؤيّداً لمقاومة إسرائيل. لكنّ رفيق خوري (ذا الخلفيّة اليساريّة) تغيّر مثل كثيرين بعد اغتيال الحريري. فاجأني بتغيّره لأنّني أكنّ له الودّ والاحترام في صحافة تندر فيها الرصانة والمهنيّة. تعرّفتُ إليه (بطلب منّي) بعد اغتيال الحريري. زرتُه في مكاتب «الأنوار» وعاتبتُه ــــ ومَن أنا لأعاتبه ــــ قائلاً: كيف يمكن أن تنجرّ مع الموجة الرجعيّة الطائفيّة لـ 14 آذار. أجاب: كلّنا انجررنا. يكتب اليوم في صحيفة الـ «إندبندنت» السعوديّة. في مقالة بعنوان «حرب لبنان الثانية أخطر من الأولى»، وردَت هذه الجملة: «إسرائيل أرادت سلاماً مع لبنان بعد السلام مع مصر، فخابَ أملها». بالحرف. مسكينة إسرائيل. لم تكن تطلب من لبنان إلا السلام فقط لكنّ لبنان دولة حربيّة منذ التأسيس وكان يشنّ الحروب والغزوات على إسرائيل من دون رادع. طلبت منّا إسرائيل السلم فرفضنا بسبب وحشيّتنا. لكنّ الذي يقرأ نص اتفاق 17 أيار (وهو موجود للذكرى المشينة) لا تتبيّن أبداً نيّات سلميّة من إسرائيل الناشدة للسلم. في الاتفاقيّة هناك أكثر من إذعان من لبنان: طلبت إسرائيل من لبنان أن يستسلم بالكامل لها وأن يكرّس كل أجهزة الدولة لتغيير ثقافة لبنان السياسيّة والشعبيّة لمصلحة الصهيونيّة. ينسى الناس أنّ 17 أيّار لم يعط لإسرائيل فقط حق السيطرة على القوّات المسلّحة وحقّ تعيين من ترتئي من الضبّاط العملاء لها. هي طالبت أيضاً بحظر المضامين المعارِضة لإسرائيل في الصحافة اللبنانيّة. وهذا البند بدأ تنفيذه في بداية عهد أمين الجميّل الذي كان ينفّذ ما التزم به أخوه من قبله من خنوع ورضوخ لإسرائيل. تغطية صحافة لبنان للمفاوضات بين لبنان وإسرائيل في خلدة وفي نهاريا كانت مقزّزة في «موضوعيّتها». وكانت الصحف، بما فيها «السفير»، ترسل إعلاميّين لتغطية المفاوضات في فلسطين المحتلّة.

0 تعليق

التعليقات