على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

الانتحار ظاهرة عالمية لا تنحصر بدين أو ببلد أو بثقافة. الانتحار مُدان في الإسلام كما في الأديان الأخرى، لكنّه يحصل في كل الأديان والمذاهب والبلدان. وكان يُقال في الماضي، وهذا مدعوم إحصائياً، إنّ الانتحار يعمّ في البلدان المتقدمة الثريّة في الشمال، أكثر من الجنوب. لكن المقارنات الإحصائية تحتاج إلى مزيد من التمحيص والتدقيق، لأنّ بعض البلدان لا تُدرج حوادث الانتحار في الإحصاءات. في البلدان الإسلامية، بما فيها لبنان، ترفض بعض المدافن دخول جثة المُنتحر أو المنتحرة لمخالفة الانتحار للدين. أي أنّ هناك تقليلاً لنسبة الانتحار بين المسلمين، مثلاً. وأنا على معرفة بحوادث انتحار لطلاب لبنانيين في أميركا تُدرج في الصحافة اللبنانية على أنّها عمليّة قتل أو مؤامرة إسرائيلية أو أنّ الضحيّة كان على وشك اكتشاف جهاز خطير. الحقيقة أنّ الأمراض النفسيّة لا توفّر أحداً بصرف النظر عن الخلفية الطبقية والاجتماعية والدينيّة. لكن في لبنان، يتمّ التعامل مع الانتحار بخفّة مع مخالفة الحياة الشخصية للأفراد والعائلات. للعائلات حقّها في حماية خصوصيّتها من حشرية الصحافة ومواقع التواصل. ومن المزعج أنّ هناك على مواقع التواصل من يخوض في نقاشات حول أسباب هذا الانتحار أو ذاك. لا يعرف حقيقة أسباب الانتحار إلا المُنتحر أو المُنتحرة. صحيح أنّ هناك من يترك رسائل وتعليلات، لكنّ كثيرين لا يفعلون ذلك قبل موتهم. ومِن التطفّل على حياتهم بعد مماتهم الحديث عن تلك الأسباب والظروف التي أدّت إلى انتحار هذا الشخص أو ذاك. خليل حاوي، مثلاً، لم يترك رسالة انتحاريّة وذهب سرّه معه (ونحن نعلم أنّه حاول الانتحار من قبل). وتسييس الانتحار عندما لا تكون هناك رسالة ظلمٌ للضحيّة وظلم للعائلة. إذا أراد المُنتحر ترك رسالة سياسيّة فهو يتركها، وهذا يحدث في كثير من الأحيان. ولكن لو أنّ شخصاً انتحر يوم نهاية عهد ميشال عون، فهل نقول إنّه انتحر حزناً على نهاية عهده؟ هذا يدخل في باب الربط السياسي غير الجائز في هذه الحالة.

0 تعليق

التعليقات