على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

تساءل مؤرّخ فلسطيني معروف عن إشاعة تقسيمات اصطلاحية لفلسطين التاريخية. كانت العقيدة الصهيونية تتطلّب نفي وجود كيانيّة فلسطينيّة وهوية خاصّة بالشعب الذي سكن هذه الأرض لقرون طويلة. في البداية، حاول الصهاينة تقسيم الفلسطينيين إلى مسلمين ومسيحيين، وهناك وثيقة من العشرينيّات تدعو فيها «الوكالة اليهودية» إلى إثارة الشقاق بين الفلسطينيين على أساس ديني. الشعب الفلسطيني آنذاك كان واعياً لهذا الخطر وشكّل مبكراً جمعيّات مسيحيّة ــ إسلامية كأنّه يردّ بها على المخطّط الصهيوني الخبيث. لكن الحركة الوطنيّة الفلسطينيّة شهدت مراحل مختلفة وقيادات منوّعة، من سيّء إلى أسوأ. والسائد اليوم هو الإشارة إلى فلسطين على أساس شرذمتها إلى كيانات صغيرة مفتّتة. فبتنا نتحدّث عن الضفة الغربية وعن قطاع غزة ونتحدّث عن هذا المخيّم أو ذاك في الشتات، كما نتحدّث عن فلسطينيّي الجليل و فلسطينيّي 48. وكأنّنا بذلك نقدّم خدمة للمقاصد الصهيونية التاريخيّة. خطة أوسلو قسّمت الضفة الغربية (وهي قسم في فلسطين) إلى أقسام: ألف وباء وجيم. واقتطع مخطّط أوسلو غزة عن الضفة وعن باقي فلسطين. وفي بدايات أوسلو، كانت الفكرة المطروحة هي إقامة نوع من بلديّة هزيلة في أريحا والعمل على جعلها اختزالاً لفلسطين التاريخية. ياسر عرفات مسؤول بصورة أساسيّة عمّا حلّ بالهوية الفلسطينية الجامعة والكيانية الفلسطينية الموحّدة. هو مثلاً تخلّى بالكامل عن الشتات الفلسطيني الذي كان حقّه دائماً مركزيّاً في المطالبات العربية بالحقوق الفلسطينية. توافق عرفات وزملاء التفاوض في أوسلو على مفهوم «العودة الرمزيّة»، أي إن بضع عشرات (حرفيّاً) من العائلات الفلسطينية تستطيع بعودتها الرمزية أن تمثّل ملايين فلسطينيّي الشتات. الحلّ هو في الإصرار على وحدة الشعب الفلسطيني ووحدة أرضه، وعلى أنّ القضية لا تتعلّق ببقعة أو بقعتيْن من فلسطين وإنّما بكل فلسطين. المصيبة الكبرى بدأت عندما طرحت «الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين» في عام 1974 (وبإيعاز من عرفات) فكرة القبول بسلطة فلسطينية على أي أرض «محرّرة». وكانت صفة المحرّرة لا تعني إلا انسحاب إسرائيل المشروط بالتنازلات والاستسلامات. فلسطين إمّا أن تكون كُلاً موحّداً أو لا تكون.

0 تعليق

التعليقات