تمثّلت الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين في اجتماعات مصر بين الفصائل الفلسطينيّة. وقد استقبل «السيد الرئيس» محمود عباس وفداً من الجبهة الشعبيّة للتباحث في شؤون تحرير فلسطين. وبحث وفد الجبهة التي تسعى إلى تحرير فلسطين مع «السيّد الرئيس» (غير المنتخب) شؤوناً خارج نطاق «التنسيق الأمني». و«السيّد الرئيس» كرّرَ في اجتماعات القاهرة إيمانه بضرورة حصر النضال بـ «المقاومة السلميّة»، تماماً على طريقة فؤاد السنيورة (ومن المعروف أنّ هذا النضال السلمي أثبت جدواه في تحرير مزارع شبعا كما وعد السنيورة في عام 2006 بعد نصر تمّوز). لم تعد الجبهة الشعبيّة على ما كانت عليه. «السيّد الرئيس» (ومنصبه كرئيس حكومة كان من ابتكار رئيس الموساد، باعتراف الأخير، عندما قرّرت إسرائيل لجم ياسر عرفات ووضع زلمتها في مقصورة قيادته لمنظّمة التحرير). لنفكّر في أسباب تلبية الجبهة الشعبيّة لتحرير كل فلسطين لدعوة «السيّد الرئيس». ليس هناك من سبب غير المنافع والفتات الذي يوزّعه «السيّد الرئيس» على المنظمات والفصائل الفلسطينيّة المُفلسة. «السيّد الرئيس» لا يزال يدير سلطة التنسيق الأمني مع العدوّ ولا يزال يعتقل المناضلين والمقاومين لكن الجبهة الشعبيّة لم تستطع مقاومة إغراء «السيّد الرئيس». لم يجرِ الحديث بعد، في سياق سيرة جورج حبش، عن أسباب استقالته من الأمانة العامة للجبهة. ومن المعروف أنّه كان معارضاً لكل مسيرة أوسلو وعارض عودة القيادة إلى سلطة رام الله في الضفّة، لكن رفاقه عارضوه. لا يتمتّع محمود عبّاس بأي شرعية خارج الشرعيّة التي يُسبغها عليه التحالف الأميركي ــ الإسرائيلي. وهو محلّ نزاع بين أميركا وبعض أجهزة الحكم في إسرائيل: هناك من يدعو إلى إقصائه وهناك من يدعو إلى حمايته لأنّه أثبت جدواه في مقاومة إسرائيل. كما أنّ فساده يجعله مطواعاً في يد أميركا وأنظمة الخليج، تماماً مثل فاسدي لبنان. إسرائيل تحضّر لخلافته. وفدوى البرغوثي طلبت من «المناضل»، أحمد أبو الغيط، أن يدعم ترشيح زوجها. والإعلام الصهيوني هنا يُطري على حسين الشيخ. والجبهة الشعبيّة (أو ما تبقّى منها وفيها) ستؤدّي يمين الطاعة لـ «السيّد الرئيس» أو من ينتدبه لخلافته.