على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

قرأتُ في «الشرق الأوسط» مقالة طويلة تزفُّ لنا خبر صدور ترجمة جديدة لكتاب «النبي» لجبران خليل جبران. طبعاً، ليست الترجمة هي الأولى، فقد سبقتها ترجمات إلى العربيّة لميخائيل نعيمة والأرشمندريت أنطونيوس بشير ويوسف الخال وثروت عكاشة (والترجمة الأخيرة غير معروفة في لبنان مع أنها قد تكون الأفضل). يفسّر هنري زغيب سبب عمله على إصدار ترجمة جديدة، فيقول إنّ لغة اليوم (العربيّة والإنكليزيّة) هي غير ما كانت عليه، وأنّ هناك حاجة لعصرنة الترجمة «مع الأمانة للغة جبران الأصليّة». لو أنّ لي أن أناشدكم جميعاً بأن تتوقّفوا عن إصدار ترجمات لكتاب «النبي». كفى. السبب في كل هذه الترجمات هو السعي إلى تلقّف النجاح التجاري لكتاب «النبي» بالإنكليزيّة (مع أنّ هناك روائع لم تُتَرجم إلى العربيّة بعد وروائع الأدب الروسي لا تزال تعتمد على ترجمات سامي الدروبي الذي نقل عن الترجمات الفرنسيّة، لا عن الأصل الروسي. لكن صدرت ترجمات جديدة، مثلاً، لـ «الجريمة والعقاب» عن الأصل الروسي من قبل مترجمين عراقيّين ومصريّين). لكنّ أيّاً من ترجمات «النبي» لم تحظَ بنجاح تجاري بالعربيّة. السبب واضح: لأنّ كتاب «النبي» لا فكرَ فيه. هو مجموعة خواطر شعريّة منقولة في رصف جميل للكلام. ليس من فكر لجبران، مع أنّنا في لبنان نخلط بين الشعر والفلسفة، ونظنّ أنّ الكلام المبهم يُساوي الفلسفة (ليس من تفسير آخر لظاهرة سعيد عقل الذي عندما تسمعه يتحدّث على «يوتيوب» تُدهش بأنّ هناك من أخذ الرجل على محمل الجدّ واستمع إلى نظريّاته في التاريخ والحضارات). «النبي» هنا معروف ككتاب خواطر سطحيّة لكن مكتوبة بأسلوب أخّاذ. جبران (وهذه صدمة لكم ولكن) غير مُدرَّس في أميركا. مقاطع من «النبي» يقرأها مريدو الهبيّة أو تُلقى في أعراس البوهيميّين. كتاب «هكذا تكلّم زرادشت» لنيتشه نجح في كل اللغات لأنّه فلسفة وليس شعراً. وكتاب «مرداد» لنعيمة فشل بالعربيّة وفي الترجمة الإنكليزية التي أصدرها المؤلّف بنفسه. كان أفضل لو أنّ زغيب كتب عن «النبي» كي يبدّد ما علق في أذهان اللبنانيّين من أساطير وخزعبلات عنه.

0 تعليق

التعليقات