على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

في تاريخنا المُعاصر، مرّت الكثير من الحركات والأحزاب المحليّة والمرتهنة وتسبّبت في الكثير من الدمار والخراب في المجتمعات العربيّة. «حزب البعث العراقي» بدأ (على الأقلّ نظريّاً) كمشروع نهضة قوميّة ثم تحوّل في الحكم إلى حكم إجرامي. صدّام أشعل المنطقة وجرَّ التدخلات الغربيّة على أنواعها. وزارة التربية العراقية أعلنت عن نيّتها تدريس إجرام البعث في المنهج المقرّر. طبعاً، هتف نوري المالكي وعمّار الحكيم مؤيّدَين الخطوة. المالكي لم يكتفِ بعمليّة اجتثاث البعث التي تحوّلت إلى حملة طائفيّة صريحة (وكانت بتحريض من كنعان مكيّة والمحافظين الجدد المؤمنين بموازاة النازيّة بالحركات السياسيّة القوميّة العربيّة كلّها). لكن هل ستقرّر وزارة التربية العراقيّة تدريس إجرام الاحتلال الأميركي؟ حتماً لا، والمالكي سيعارض تدريس أي فصل من فصول إجرام الاحتلال الأميركي لأنه هو، وغيره، كانوا ولا يزالون من المستفيدين من غزو العراق. أميركا لم تغادر العراق وترفض أن تغادره وهي، لهذا السبيل، تصرّ على أنّ الخطر الداعشي سيستمرّ على مدى قرون. في كل أسبوع أو أسبوعين، تقوم القوات الأميركيّة بقتل رجل ما، في سوريا أو في العراق، وتزعم أنّه قيادي في القاعدة أو في داعش. قيادات بالآلاف في تنظيم صغير. وتهلّل المواقع ووسائل الإعلام العربيّة (المموّلة من الخليج أو الغرب، لا فرق) وتذكّر بأنّ الخطر الداعشي داهم، تماماً كما أنّ الخطر الشيوعي كان داهماً ويحتاج إلى قوات أميركية مرابطة في العالم العربي لمواجهته. لو شاهدنا التراث الأميركي في اليمن وسوريا والعراق وليبيا والصومال، لأدركنا أنّ ما فعلته أميركا بتلك الدول فاق ما فعله الطغاة بدولنا، من دون التقليل من حجم الكوارث التي ألحقها الطغاة بالدول التي حكموها. أميركا (بالتحالف مع إسرائيل وأدوات محليّة) دمّرت ليس فقط الدول بل المجتمعات. هي فكّكت المجتمعات وأعادت صوغها على أسس طائفيّة وعشائريّة وجهويّة. هي نجحت في تدمير الهويّة العربيّة للدول. هذا هو الإرث الحقيقي (المُستمرّ) للاستعمار الأميركي. أميركا ترفض أن تطلق وصف الاستعمار على دورها واحتلالاتها في العالم، لكن أميركا دولة مُستعمرة منذ القرن التاسع عشر.

0 تعليق

التعليقات