على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

كتابة المذكّرات ليست سهلة. على المرء أن يقرّر الهدف من كتابتها. هل تكتب لنفسك؟ أم للقرّاء لو نُشرتَ؟ للعائلة أم لمَن؟ ثم عليكَ أن تقرّر: هل تكتب من منظور اليوم بالنظر إلى الأمس، أم من منظورك اليوم وأنت تمرُّ في مراحل مختلفة من الحياة؟ هل تكتب من أجل تصفية حسابات، أم من أجل التعامل مع ظروف طفولتك ونشأتك وحياتك؟ هل تكتبها بشكل يوميات أم بصورة كتاب أدبي متماسك لو كان عندك الملكة الأدبيّة؟ هل تكتب من أجل أن تروي حياتك، أم من أجل أن تسبر غور نفسك، وخصوصاً إذا مررتَ بمرحلة تُعيد النظر في خياراتك وقراراتك الشخصيّة؟ والأهم: كيف تتعامل مع ظروف العائلة؟ هل تأخذ مشاعرهم في الحسبان؟ هل تملك الحق في الكتابة عن أهلك وأشقائك من دون إذنهم؟ وهل تكتب عنهم أم تتجاهلهم؟ سيعتبون أو يغضبون في الحالتيْن. وكيف تتطرّق إلى حياتك الشخصيّة وعلاقاتك بنساء أو رجال مرّوا في حياتك؟ على الرجل أن يكون حريصاً كي لا ينحدر إلى ما يُسمَّى هنا بـ«قَبِلْ وخَبِّر»، في إشارة إلى نزعة الرجال في التبجّح عن علاقاتهم النسائية. أنا أقول إنّه على الفتى ألّا يتحدث علناً، وخصوصاً نشراً، عن نضالاته وعن نسائيّاته. لكن هل تكتب مذكرات من دون أن تتحدّث عن ذلك؟ ثم هل يمكن لرجل أن يتحدّث عن نساء في ماضيه (أو رجال في حالة الكاتبة) بإنصاف واتزان؟ وهل يمكن أن تتحدّث عن نفسك من دون ترويج ذاتي؟ هل تستقيم المذكرات من دون نقد ذاتي؟ هناك الكثير من المذكرات العربيّة الخالية من النقد الذاتي (هشام شرابي أو عبد الرحمن بدوي مثلاً فيما كان إحسان عبّاس صريحاً جداً في مراجعة حياته). ميخائيل نعيمة كتب مذكراته بمنظور الطهرانية، بالمفهوم الديني التقليدي، كي يظهر متفوّقاً على صديقه جبران. ثم عليك أن تقرّر: هل تذكر أسماء؟ وهناك خيار أن تكتب مذكرات صريحة لكن أن تنشرها كقصّة بأسماء وهميّة. لكن هذه لن تمرّ على أصدقاء لك أو أفراد عائلتك. أمر محيِّر.

0 تعليق

التعليقات