على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

اجتماع قاعة الخلد في بغداد، أو «مجزرة الرفاق» في 22 تمّوز 1979، من أغرب سرديّات الأنظمة المعاصرة عن مؤامرات (حقيقيّة أو متخيّلة) ضد النظام. أشرطة الفيديو للّقاء متوافرة على يوتيوب (وواحدة منها بالألوان) وهي تسمح بالتسمّر في وجوه الحاضرين. بطل اللقاء هو محيي عبد الحسين المشهدي، الذي كان مطلوباً منه أن يتلو بيان سرديّة المؤامرة. وكان صدّام جالساً بقربه يتعامل معه بتهذيب شديد ويطلب منه أن يرتاح على كرسي، وكان المشهدي يجيب على استيضاحات من صدّام. لكن القصّة لا تستقيم. تقول إنّ البعث السوري كان يرسل الأموال منذ تشكيل تنظيم سرّي عام 1975 في بغداد من أجل قلب النظام. لكن هل يُعقل أنّ النظام السوري المُقتِّر الذي يأخذ المال ولا يغدقه، استطاع أن ينافس المال العراقي وأن يبتاع عناصر قيادية في البعث بـ 200 أو 300 دينار عراقي؟ النظام السوري في لبنان لم يكن يموّل إلا وليد جنبلاط بين حلفائه، وكان يسمح لحلفائه (مثل «الصاعقة») بالسطو كما تريد لتمويل الذات، بتغطية منه. والمشهدي بدا أذكى وأكفأ من باقي الحاضرين الذين صفّقوا كما البطاريق. وعندما انهمرت دموع صدّام تأثّراً، انهمرت دموع الحاضرين ومسحوا وجوههم. الاجتماع كان تسجيلاً للسعال والنحنحة وكان صدّام يدخّن السيجار. 68 شخصاً من الذين وردت أسماؤهم سيقوا إلى خارج القاعة حيث أُعدم فيما بعد أكثر من 20 منهم. ثم هل يُعقل أنّ التنظيم السري استمرّ بين عامَي 1975 و 1979 من دون أن تلاحظه أجهزة صدّام؟ ثم، كيف يمكن أن يجتمع المتآمرون بديبلوماسي سوري في قلب بغداد من دون مراقبة من أجهزة الأمن والمخابرات؟ هل يمكن أن يستطيع ديبلوماسي سوري أن يتجوّل في بغداد من دون مراقبة مشدّدة، فيما كانت السيّارات المفخّخة والاغتيالات دائرة بين النظامَيْن؟ طبعاً، القصّة أنّ المشهدي كان قريباً من أحمد حسن البكر، واعترض على تنحّيه عن الحكم بحضور صدّام. أراد الأخير أن يزيل من الصورة أقرب الناس إلى البكر والمؤامرة المزعومة كانت الأقرب إلى عقل البعث التآمري.

0 تعليق

التعليقات