على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

ليس من آداب المناظرة أن تختلق موقفاً لخصمك وتناقشه فيه ثم تنتصر عليه بالضربة القاضية. هذا ما فعله جهاد الزين في مقالة في «النهار» بعنوان «عن خطأ ترويج «أفيون» إسرائيل»، ويستهلّ المقالة بالقول: «واحدة من أكثر المقولات الشائعة في أوساط معيّنة في لبنان، هي مقولة ضعف إسرائيل أو تحوّل إسرائيل إلى دولة ضعيفة». اللافت أنّ الزين ينسب المقولة «إلى أوساط معيّنة» (العبارة واحدة من عشرات العبارات التي تقصد الحزب). لكن ليس هناك في لبنان من يروِّج لمقولة ضعف إسرائيل، وخصوصاً حزب الله. على العكس، إنّ كل نهج حزب الله في مقاومة إسرائيل يعتمد على فكرة أنّ إسرائيل دولة قويّة وأنّ أي مقاومة ضدّها لا يمكن أن تنجح من دون أن تكون هي قويّة ومتحسّبة. إن نجاح تجربة مقاومة الحزب الفذّة يعود لقطعه مع مقولات عرفات قبل عام 1982. ومن المعروف أنّ محمود عبّاس كان ينظّر (من مقرّه في دمشق) لفكرة أنّ إسرائيل ـــ بسبب التغييرات الديموغرافية ـــ ستسقط من الداخل وأنّه ما علينا إلا فتح الأذرع والانتظار. عرفات، على نهج الأنظمة العربيّة، هو الذي كان يستخف بقوّة إسرائيل. هو الذي كان، قبل الاجتياح الإسرائيلي، يخطب ويردّد أنّ إسرائيل ستعتمد خطة الأكورديون وأنّ الحاج إسماعيل (قائد عرفات في الجنوب) وصحبه سيكونون على أتمّ الاستعداد للمواجهة (كان الحاج إسماعيل من أوّل الهاربين). أمين عام الحزب لم يستخفّ يوماً بقوّة إسرائيل، ولم يتبجّح يوماً على طريقة عرفات. على العكس، كان يدعو دائماً إلى الحذر والتنبّه وإلى تدعيم قوّة المقاومة لأنه لا يقلّل من حجم قوّة إسرائيل. ويحذِّر الزين من خطر «الاطمئنان» إلى ضعف إسرائيل. لكن لم أرَ أيّ أثر لذلك أبداً (إلا في أدبيّات حزب النجادة). هناك فريقان في لبنان: 14 آذار وهو يقول إنّ إسرائيل أقوى قوة في المنطقة، وإنّها لم تستعمل كل قوّتها في حرب تموز وإنّه كان يمكن أن تنتصر لو أرادت (أي إنها اختارت أن تنهزم لأسباب عاطفيّة)؛ والطرف الآخر المقاوِم يقول: إسرائيل قويّة لكن نحن أقوياء أيضاً.

0 تعليق

التعليقات