على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

أنا أعيشُ في العالم الحرّ، وهذا يكفيني، لا بل يُشعرني بحظوة كبيرة. صحيح أنّ العالم الحرّ زاد من وحشيته بعد انتهاء الحرب الباردة وأصبح يحنّ إلى زمن الاستعمار المتجدّد والذي يجعل الاقتصاد بابه في الدول النامية، لكنني أعيش في العالم الحرّ. المسلمون في الغرب يخضعون لمراقبة شديدة وصارمة، والمؤمنون في الجوامع (على الأقل هنا) يخبرونك أنّهم يلاحظون شخصاً أو شخصين ممن يرتادون الجامع لكنهم لا ينتمون إليه أبداً، ويتوجّسون من أنهم جواسيس لأجهزة الأمن، لكنّني أعيش في العالم الحرّ. العرب والمسلمون يتمتّعون بهامش حريّة أقل بكثير من باقي السكان، ودول الغرب تستمرّ في بضع ضوابط على اللباس المرتبط (في أذهانهم هم) بالإسلام (مثل العباءة والحجاب والنقاب ـــ سويسرا منعته مع أنّ عدد المنقّبات لم يكن يزيد عن عدد أصابع اليد، كما أنّها منعت المآذن مع أنّها لا تحوي إلا أربعاً. لكن بالرغم من كلّ ذلك، يشعر المواطن في سويسرا، ولو كان مسلماً، ولأنّه هناك أربع مآذن، بأنّه يستطيع أن يدعو المؤمنين فيها إلى الصلاة، لكن بصمت كي لا يقلق راحة غير المسلمين). أنا أشعر بالحريّة هنا مع أنّ حريّة تعبيري، ليس فقط كعربي بل أيضاً كمواطن، تضيق باستمرار. أميركا منعت حريّة التعبير عن الاعتراض على الحرب في أوكرانيا. الصحف لم تنشر أي نقد لأوكرانيا في كل فترة الحرب، كما أنّ القمع والفساد فيها كان موضوعاً محظوراً للصحافة. إمّا أن تكون مع العالم الحرّ، وإما فأنت متخلّف وإرهابي. وأنا مع العالم الحرّ كي لا أشعر بالتخلّف. بريطانيا تنظر في أمر حظر العلم الفلسطيني لكن الحريّة تسود فيها. وهناك حريّة التظاهر، لكن المسؤولين في دول الغرب عبّروا بصراحة عن رأيهم بالمتظاهرين من أجل فلسطين ووصفوهم بالإرهاب. في الكونغرس الأميركي، كان هناك أربعة أعضاء يساريّين ممن جاهروا في البداية بمواقف ضد إسرائيل. تراجعت كلّ واحدة فيهن باستثناء راشدة طليب، ذات الأصل الفلسطيني. لكن أشعر بالحريّة ويسعدني أنّ لي حق التهليل لحروب أميركا وإسرائيل.

0 تعليق

التعليقات