على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

صفّفوا شعرهم وارتدوا ملابس العيد. انتقلوا من منزل إلى منزل إلى منزل في أرض لا ملاجئ فيها، ثم انتقلوا إلى المدارس فقتلوهم، ثم انتقلوا إلى المستشفيات فقتلوهم مرّة أخرى. لو كان في يد عدوّنا، لنبش قبور كل طفل منهم كي يقتلهم مراراً وتكراراً. القتل مرّة واحدة لا يكفي هذا العدوّ. هناك تشفٍّ في القتل وشبق له. لم يسبق أن واجَهْنا عدواً بهذه الوحشيّة. جيلاً بعد جيل مصابون بالصدمات النفسيّة من جراء إسرائيل وعدوانها. لا يمكن لأي جيل في المشرق العربي إلّا أن يكون مصاباً بصدمات نفسيّة متوالية تترك فيه جروحاً عميقة. والجامعة العربيّة تصف لهم علاج المشروع العربي للسلام: أعطونا قسماً صغيراً من أرضنا، نعطيكم معظم أرضنا ونزيد عليها الحب والتمور والقبول وفتح مطاعم في بلادنا بأسماء مجرمي الحرب الإسرائيليّين. نَعُدّ الأطفال ونحصيهم، ونَعِدُهم بالجنّة عند ولادتهم، ونعِدُهم بغدٍ أفضل. نخشى أن نخبرهم في سن باكرة عن الشرّ المطلق في ديارنا، ولكن سرعان ما يكتشفونه. أطفال العيد ماتوا في المستشفى بعدما هجّرتهم قنابل العدوّ وصواريخه من منازلهم. حملوا متاعهم في أكياس صغيرة من النايلون، لأن الفلسطيني ممنوع من تكديس الأثاث والنفائس حتى من الذكريات. جيلاً بعد جيل بعد جيل، أطفال فلسطين محرومون من الطفولة. ملامح أطفال فلسطين ليست كسائر الأطفال: وجوههم تحمل تقاسيم الكبار المتمرّسين في الحياة. هؤلاء استبطنوا صدمات متتالية من وحشيّة إسرائيل. أطفال فلسطين يكبرون قبل أن يُولدوا، يملكون في داخلهم تراكم تجارب التهجير والمنفى. أدورنو أعلن نهاية الشِّعر بعد أوشفتز. وبعد غزة، يمكن إعلان نهاية الشِّعر والليبراليّة والخُطب. طعم الهواء ليس كما كان بعد غزة، وثغاء الأطفال أصبح كلحن شجن حزين؟ علّموا أطفالنا الغضب والرفض وحب الحياة، الحياة الكريمة الحرّة وليس الحياة في بلاط شيوخ التطبيع وأمرائه. لو أنني أؤمن بالتقمّص، لاخترت أن يتقمّص أطفالنا الشهداء كلهم غسان كنفاني، أكثر من مرّة.

0 تعليق

التعليقات