على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

عادَ بي الزمن إلى سنوات الطفولة والصبا. قرأتُ أنّ الحكومة اللبنانيّة تنوي تقديم شكوى إلى الأمم المتحدة (والحكم على النيّات، طبعاً، كما أنّ محمود عبّاس كان قبل سنوات ينوي التقدّم بشكوى ضد حكومة إسرائيل في المحكمة الجنائيّة الدوليّة). وهذا الإجراء من الحكومة اللبنانيّة أثلج صدري كثيراً. أنعش في نفسي الذكريات. لو أنّ شارل حلو بقي على قيد الحياة. كم قدّمنا من الشكاوى، وكم من الخطابات الرديئة ألقاها ممثّلو لبنان عبر السنوات. وفي عام 1978، هلّل لبنان وكبّر لأنّ مجلس الأمن أصدر القرار 425 ردّاً على الاجتياح الإسرائيلي في تلك السنة. وفوراً، هلّل الانعزال اللبناني، وغسان تويني الذي كان مندوب لبنان في الأمم المتحدة، للقرار وقالا للمقاومة الفلسطينيّة والحركة الوطنيّة: انتهى دوركم. لا حاجة لمقاومة بعد اليوم. الدولة عبر وزارة الخارجيّة ستتولّى ترتيبات جلاء قوات الاحتلال الإسرائيلي عن لبنان، لأنّ إسرائيل (وفق النظرة التي لا تزال سائدة في لبنان حتى اليوم) تحترم القانون الدولي وهي، عندما تعلم بقرار دولي يطالها، تُسارع إلى احترامه لأنّها دولة قائمة على احترام القانون والشرعيّة الدوليّة. لكنّ إسرائيل لم تنفّذ القرار، وفق رؤية غسان تويني، إلا بعد 22 سنة. وعندما انسحبت في عام 2000، سارع الفريق الانعزالي (والذي تسلّم مهامه عنهم اليوم الفريق التغييري الثوري والـ «كول») لنفي الهزيمة عن إسرائيل والقول: لا، إسرائيل لم تنسحب بسبب المقاومة، بل لأنّ باراك وعد الناخبين بذلك. لكنّ السؤال لا يزال مطروحاً: لماذا وعد الناخبين بذلك إذا لم تكن المقاومة مزعجة لهم ومكلفة؟ وهناك من يقول (غسان تويني والتغييريّون بصورة خاصّة): إنّ إسرائيل انسحبت احتراماً للقرار 425. والتباطؤ في تنفيذه يعود إلى اعتبارات مناخيّة وإدارية وفنيّة محض؟ أهل الجنوب يتعرّضون للقصف العشوائي، وهناك من يُطمئن إسرائيل بالقول: لبنان لا يريد الحرب، أو إنّ هناك من يردّ الأذى عن الجنوب (غير المقاومة) لكنّه مشغول هذه الأيام بتعقّب اللاجئين السوريّين على الحدود الشرقيّة والشماليّة.

0 تعليق

التعليقات