علّقت «غاليري ليسون» في لندن استضافة معرض يضمّ أحدث أعمال الناشط والفنان الصيني المشاكس آي ويوي (1957)، كان يُفترض أن يُفتتح أمس الأربعاء، في أعقاب بوست نشره على مواقع التواصل الاجتماعي حول الحرب الإسرائيلية المستمرّة على غزّة منذ 41 يوماً، وفق ما ذكرت Art. وقال الفنان للصحيفة المتخصّصة في الفن إنّ معرضه «ألغي فعلياً»، مشيراً إلى أنّ القرار اتُخذ «لتجنّب المزيد من النزاعات ومن أجل سلامتي».وجاء في البوست الذي نشره آي ويوي رداً على سؤال أحد المتابعين على موقع X (تويتر سابقاً) قبل أن يُحذف لاحقاً: «في بعض الأحيان، يدفع العالم العربي ثمن الشعور بالذنب الأوروبي تجاه اضطهاد اليهود... من حيث التأثير الإعلامي والمالي والثقافي، تتمتّع الجالية اليهودية بحضور كبير في الولايات المتحدة. ووُصفت حزمة المساعدات السنوية لإسرائيل البالغة قيمتها 3 مليارات دولار، على مدى عقود، باعتبارها أحد أهم الاستثمارات الأميركية... وغالباً ما توضع هذه الشراكة في خانة المصير المشترك».
وبينما لا يُعرف حتى الآن ما إذا كانت ستُعاد جدولة المعرض، قال متحدث باسم «ليسون» إنّه «اتفقنا معاً على أنّ هذا ليس الوقت المناسب لتقديم مجموعة أعماله الجديدة. لا مكان للنقاش المعادي للسامية أو المعادي للإسلام في وقت يجب أن تركز كل الجهود على إنهاء المعاناة المأساوية في الأراضي الإسرائيلية والفلسطينية، وكذلك في المجتمعات على المستوى الدولي. إن آي ويوي معروف بدعمه لحرية التعبير ومناصرته للمضطهدين، ونحن نحترم ونقدر بشدّة علاقتنا الطويلة معه».
آي ويوي الذي سبق أن عبّر صراحةً عن دعمه للفلسطينيين وزار غزّة في عام 2016 أثناء تصوير فيلمه الوثائقي الطويل Human Flow (التدفّق البشري ــ 2017 ــ 140 د) حول أزمة اللاجئين العالمية، اعتبر أنّ ما حدث يثير أسئلة حاسمة حول حرية التعبير: «إذا لم نتمكن من استخدام طرق بسيطة للتعبير عن سؤال معقّد، فهل هذا يعني أنّ التعبير يصبح غير ضروري، أو أنّ ما يسمى بالتعبير «غير الصحيح» يصبح غير ضروري؟». ويتابع في بيان: «هذا جانب أساسي من حرية التعبير. بالنسبة إلى شخص يعمل في مجال الفن، لم يكن التعبير أبداً يتعلّق بالبحث عن التعبير الصحيح. المعنى الأساسي للتعبير هو حرية التعبير... التعبير، قدر الإمكان، بناءً على حقائق موضوعية، من دون التوصّل إلى نتيجة في كثير من الأحيان. لا ينبغي أن نتخلى عن التعبير لأنّه لا نتيجة، وإلا فإنّنا نكون قد تخلّينا عن الفن والإبداع».
وأضاف: «لطالما اعتبرت حرية التعبير قيمة تستحق النضال من أجلها والاهتمام بها، حتى لو جلبت لي مصائب مختلفة... لقد عانى والدي، كشاعر، من المعاملة غير العادلة والاعتقال، وكاد أن يفقد حياته ببساطة بسبب موقفه. لو كان قد فقد حياته، لما كنت موجوداً». في هذا السياق، أكّد أنّ «جميع أنواع الآراء يجب أن تحظى بالتقدير، حتى عندما تكون غير صحيحة»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنّه «ينبغي تشجيع الآراء غير الصحيحة بشكل خاص. فإذا اقتصرت حرية التعبير على النوع نفسه من الآراء، فإنّها تصبح سجناً للتعبير... إنّ عدداً لا يُحصى من الكتّاب والفنانين والأشخاص الذين يواجهون مواقف معيشية صعبة، يملكون أصواتاً مختلفة غالباً ما تكون مثل شعاع الضوء الذي يجعل الظلام أقل رعباً». وختم بالقول: «ما أقوله ليس مهماً. إلغاء معرض ليس مهمّاً على الإطلاق لأنّ عشرات الآلاف من المعارض لا تزال مستمرة. من دون مبالغة، كشخص أو فنان، أستطيع أن أعيش من دون إقامة معرض آخر، ويمكنني أن أعيش من دون الفنّ كفضاء للتعبير، لكن لا أستطيع العيش من دون تفكير حرّ وحرية تعبير. وهذا يعني نهاية الحياة».