على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

أدينُ للقراء باعتذار. أكاد أشعر بالحرج أمامكم (أبالغ هنا). كأنّني أريد أن أعيدَ النظر في منطلقات نظرتي إلى الكيان الإسرائيلي. ماذا أقول؟ ظلمتُ المجتمع الإسرائيلي. سخرتُ على مدى سنوات طويلة (منذ يفاعتي) بصيغة «معسكر السلام الإسرائيلي». وعندما كنت أجول بين تنظيمات الثورة الفلسطينيّة في صباي، قرّرت أنّ الجبهة الديموقراطيّة لتحرير فلسطين ليست لي، بسبب كثرة إشاراتها إلى «معسكر السلام الإسرائيلي». وكانوا يزيدون على ضرورة الحوار مع «معسكر السلام» عبر الإشارة إلى «قوى اليسار غير الصهيوني»، في إشارة إلى تنظيم «ماتزبن» (كان ذلك قبل أن أغوص في دراسة التنظيم وأكتشف أنّه في عزّه ضمَّ خمسة أشخاص، لا أكثر). سبب تغيير مواقفي يعود إلى حدث جلل: بعد تجنيد أكثر من 300 ألف إسرائيلي لخوض حرب الإبادة ضد غزة، رفض واحدٌ (واحدٌ بالتمام والكمال) الخدمة وسُجن بسبب رفضه. ردّ الفعل على ذلك كان فوريّاً. قوى يساريّة غربيّة هتفت تحيّة لهذا الإسرائيلي (لن أذكر اسمه). اليساري اليوناني، وزير الماليّة الأسبق، يانيس فاروفاكيس، وجد «الأمل» بعدما كان فقده، ووجّه تحيّة إلى «الشجاعة الكبيرة» للرجل. وتركَ الإسرائيلي (أي معسكر السلام الإسرائيلي برمّته) بياناً ضمّنه مشاعره وآراءه. صهيوني ليبرالي ذمَّ حركة «حماس» ووازى بين عمليّة 7 تشرين الأوّل (أكتوبر) وبين حرب الإبادة، وانتقد «فساد حماس». لا ندري كيف استطاع أن يوازي، أيضاً، بين فساد المرتشي نتنياهو وبين السنوار والضيف اللذين عزفا عن كل ما في هذه الدنيا من مباهج. هذا الرجل سيصبح مشهوراً في الإعلام العربي، والليبراليّون العرب (وبعض اليساريّين من شلل «مؤسّسة روزا لوكسمبورغ» المشبوهة) سيكرّمونه ويجعلونه بطل عصره. ولا ننسى في معرض التنويه بمعسكر السلام أن نذكر واحداً في المئة من الإسرائيليّين الذين يقبلون («كثِّر خيرهم») بوقف إطلاق النار في غزة. أي عندما يطالبوننا في الغرب بقبول إسرائيل والحوار معها، فإنّهم يطالبون العرب بالجلوس مع رجل إسرائيلي واحد لأنّه هو «معسكر السلام». كانت هناك تظاهرات في «إسرائيل»، لكن ليس بينها تظاهرة واحدة ضدّ وحشيّة جيش الإبادة. لا سلامَ معهم، ولا سلامَ مع هذا الواحد.

0 تعليق

التعليقات