هذه قصّة من وحي الخيال (غير العلمي). عمدت إسرائيل إلى تمويل حزب يميني لبناني فاشي منذ الخمسينيّات، وكانت الدفوعات زهيدة: ألف دولار وألفا دولار لتمويل الانتخابات النيابيّة المقبلة. وكان الحزب يقدّم، مقابل ذلك، حراسة دائمة للحيّ اليهودي في بيروت وسياسات تخدم إسرائيل (وكان يتسلّح لمواجهة أعداء إسرائيل، من لبنانيّين وفلسطينيّين). في عام 1967، تقدّم رئيس هذا الحزب (الذي بُهرَ بهتلر وأُعجب به) بمشروع قانون في المجلس النيابي لوقف المقاطعة اللبنانيّة لإسرائيل، وكانت المقاطعة من ضمن الالتزام اللبناني الرسمي بالجامعة العربيّة عندما كانت جادّة في مقاطعة، لا محاربة، إسرائيل. وكان يهود لبنان ينضمّون في أكثرهم إلى الحزب (بأمر من الخارج على الأرجح لأنّ اقتراع اليهود في انتخابات 1972 كان صارماً في دعم هذا الحزب اليميني الفاشي وفقاً لأرقام أقلام الاقتراع). مرّت الأيّام والسنون وتعرّض الحزب لهزيمة شنيعة في الحرب الأهليّة رغم سرديّات خياليّة عن بطولات خارقة تكذّبها الوقائع: أنّ الحزب استجدى تدخلاً من سوريا في 1976 ومن إسرائيل بعد ذلك لإنقاذه من السحق العسكري. لم تعد المطالبة بالمشروع الإسرائيلي في سنوات سيطرة النظام السوري مسموحة، فاستتر الجميع من أعوان إسرائيل بالمألوف السياسي. لكن النظام السوري خرج من لبنان وتوافق المشروع الإسرائيلي مع المشروع الخليجي في التحالف مع إسرائيل. ورث حفيد المؤسّس (المُعجب بهتلر) الحزب مع ثروته المنقولة وغير المنقولة. صار يصيح ويزعق في الإعلام الخليجي وفي الإعلام الغربي الصهيوني. في حرب الإبادة على غزة، صدح صوته كثيراً، ما طرح أسئلة عن عودة التمويل الإسرائيلي. لكن لم تعد تحتاج إسرائيل إلى تمويل العملاء والأحزاب: المال النفطي العربي على أتم الاستعداد لدفع نفقات التجسّس والتخريب والبروباغندا الإسرائيليّة. عاد الحزب المُقلِّد لهتلر إلى سابق عهده في المجاهرة بمطالب إسرائيل.
(تصحيح: ورد في مقالة أمس خطأ أنّ ترامب فاز في كل أقضية ولاية أيوا. بعد إعلان النتائج النهائيّة، تبيّن أنّه فاز في 98 من أصل 99 قضاء في الولاية).