أُطلق على الخامس من آذار (مارس) الحالي اسم «الثلاثاء الكبير» (Super Tuesday) في الولايات المتحدة. هو أكبر يوم من الانتخابات التمهيدية الرئاسية، ويحدث عادةً في شباط (فبراير) أو آذار (مارس) في كلّ استحقاق رئاسي. في هذا اليوم، تشهد ولايات عدّة انتخابات أولية أو مؤتمرات حزبية، وغالباً ما تساعد نتائجها في ترسيخ المرشّح الأوفر حظاً عن كل حزب. فاز الرئيس جو بايدن بسهولة في معظم المنافسات على الجانب الديموقراطي، كما ضمن ترامب بطاقته للترشّح مع فوزه بغالبية الولايات، ما عدا فيرمونت التي صوتت للمرشحة نيكي هايلي، التي خرجت من السباق الرئاسي.بحسب نتائج «الثلاثاء الكبير»، من المرجّح أن نشاهد مباراة إعادة بين جو بايدن ودونالد ترامب على شاكلة ما حصل عام 2020. لكن المختلف هذا العام أنّ الجماعات السياسية الداعمة لحملة ترامب الرئاسية صارت أكثر ارتباطاً بقضاياه القانونية، ما يعني أنّ أموال المتبرعين تحرقها الغرامات. على سبيل المثال، أنفقت لجنة العمل السياسي بقيادة ترامب، Save America، أكثر من 36 مليون دولار على الرسوم القانونية لمستشاري ترامب وشركائه ما بين 1 كانون الثاني (يناير) 2021 و30 حزيران (يونيو) 2023، وفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال». وفي النصف الأوّل من عام 2023 وحده، أنفقت لجان العمل السياسي المرتبطة بترامب ولجان العمل السياسي الكبرى المتحالفة مع ترامب أكثر من 27 مليون دولار على الرسوم القانونية والنفقات ذات الصلة. دخلت Save America بداية عام 2023 بأكثر من 18 مليون دولار وخرجت بحوالى 3.6 مليون دولار. وواجه ترامب اتهامات جنائية ثلاث مرات في عام 2023، بما في ذلك دفع أموال مقابل إسكات بعض الأشخاص خلال حملته الانتخابية عام 2016، واحتفاظه بوثائق سرية من البيت الأبيض في منزله بعد رئاسته، ومحاولاته إلغاء نتائج انتخابات 2020. لكن رغم مشكلاته القانونية، يتمتع ترامب بدعم شعبي قوي لافت. مع ذلك، من المتوقع أن تغرق حملته الرئاسية في غرامات مالية كبيرة إضافية مقبلة. ولهذه الأسباب، نجد ترامب يسّوق حذاءً رياضياً ذهبياً موقّعاً باسمه حيناً، ومجموعة NFT (رموز غير قابلة للاستبدال) تحوي صوراً رقمية أصلية له حيناً آخر.
يوم الثلاثاء أيضاً، حصل انقطاع كبير حول العالم في خدمات كبرى منصات التواصل، بما في ذلك فايسبوك وإنستغرام ومسنجر ويوتيوب استمر حوالى ساعتين، ووُصف العُطل بأنّه «أكبر انقطاع» تواجهه المنصات المنتمية إلى «ثقافة اليقظة» (الأخبار 29/2/2024). لحسن حظ ترامب، لم يُصب العطل X، التي حوّلها إيلون ماسك إلى منصة يمينية ترامبية منذ استحواذه عليها أواخر عام 2022. وكما جرت العادة مع كل انقطاع لخدمات ميتا، يهاجر شعب الإنترنت فوراً إلى X لمتابعة ما يحصل، ويتفاعل مع آلاف المنشورات الساخرة من الأعطال. لكن بالإضافة إلى ذلك، حلّ هاشتاغ supertuesday# ثانياً، مخيّماً على المنصة الترامبية، فاستحال الأمر حملة دعائية تدعو الناس إلى التصويت بكثافة.
ترامب الغارق في الغرامات المالية القانونية والمستفيد من امتناع جزء لا يستهان به من الناخبين الديموقراطيين عن التصويت لبايدن (في بعض الولايات) بسبب تعامله الكارثي مع العدوان الإسرائيلي على غزة، لجأ يوم الأحد الماضي إلى الملياردير إيلون ماسك، طالباً تبرعات مالية تنقذ حملته، وفقاً لما نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» يوم الثلاثاء الماضي. حتى يوم أمس الخميس، لم يكن واضحاً ما إذا كان ماسك سينقذ ترامب عبر ثروته الكبيرة التي يمكن لها أن تعطيه أفضلية على بايدن. وفيما كان الجميع ينتظر رد ماسك، بدأت حملة شيطنة على X، أوّل من أمس، عندما نشر راين غارسيا (ملاكم ومؤثر يميني مهووس بنظريات المؤامرة) تغريدة قال فيها: «إيلون ماسك هو المسيح الدجّال». وانتشرت التغريدة كالنار في الهشيم بين مناصري ترامب المتشددين على المنصة. تدخّل إيلون ماسك وكتب على حسابه في X: «فقط لأكون واضحاً، لن أتبرع بالمال لأي من المرشحين لمنصب رئيس الولايات المتحدة». وهذا مثل بسيط عن كيفية تطويع ترامب من يخالفوه أو لا يعملون وفقاً لما يراه مناسباً. والجدير ذكره في هذا الخصوص، أنّه لا يزال ممكناً لإيلون ماسك أن يتبرّع لترامب ولكن بشكل غير مباشر عبر تمويل جمعيات تدور في فلكه وفقاً لما نقلته «سي أن بي سي»، أوّل من أمس. علماً أنّ ماسك اعتاد على تمويل الحزبين الأساسيين في الولايات المتحدة بمقدار ضئيل ومتساوٍ تقريباً.