منذ عام 2006، تقدّم الهيئة الصحية الإسلامية خدماتها لمكافحة آفّة المخدرات وعلاج الأمراض النفسية «بناءً على رغبة المريض في العلاج وطلبه التعافي»، بحسب المدير العام للهيئة عباس حب الله. أمس، أطلقت الهيئة مشروع «نداء»، الموجّه إلى هذه الشريحة من المرضى، ويقوم أساساً على «الإتيان بالمدمنين والمرضى النفسيين غير المستقرين رغماً عنهم إلى المستشفى في حال رفضوا العلاج، بعد موافقة الأهل والطبيب الذي يتابع حالتهم. ومن ثم التتبع المنزلي، أي متابعة كل حالة بعد خروجها من المستشفى في المراكز المختصة وفي المنزل للتأكد من خضوعها لجلسات العلاج النفسي وإعادة التأهيل».
(هيثم الموسوي)

عزمت الهيئة وتوكّلت بعدما «ظلّ إقناع المريض أو إلزامه على العلاج محل مراجعة في حزب الله في السنوات الماضية نظراً إلى صعوبة التدخّل»، كما قال رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين خلال حفل إطلاق المشروع أمس في مركز بلدية الغبيري الصحي الاجتماعي. وهو يقتصر حالياً ضمن نطاق بيروت ويتضمن خطاً ساخناً (76111265). أما في ما يتعلق بالكلفة المادية المترتبة على الأهل فيؤكد حب الله أنها «مقبولة لأنّ مراكزنا مدعومة وهناك صندوق خاص لمساندة المرضى المتعثرين مادياً».
وتدير الهيئة ثلاثة مستشفيات لعلاج المدمنين والمرضى النفسيين، هي «الشفاء» التخصّصي في عرمون، وجويّا الرعائي، و«إحياء» في سوق الغرب، إضافة إلى سبعة مراكز متخصّصة بالأمراض النفسية ومعالجة الإدمان، و29 مركزاً للرعاية الصحية تقدم خدمات لتأهيل المدمنين والمرضى.
المشروع انطلق فعلياً قبل أكثر من سنة. ففي إحصاء أجرته الهيئة في مستشفى «الشّفاء» التخصصي تبيّن أنّ 16% من المرضى عام 2020 أُحضروا إلى المستشفى قسراً، مقارنة بـ 18% عام 2022، و33% في النصف الأول من العام الجاري. علماً أنها ليست كلّ حالات المرض النفسي تستدعي دخول مستشفى، و«هناك حالات مستقرّة تقدّم لها الهيئة خدمات منزلية». لكنّ هناك أمراضاً نفسية وعقلية قد تشكل خطراً على صاحبها وذويه والمحيطين به كالاضطراب الثنائي القطب، والفصام، والاكتئاب الحاد… «عندما يقوم المريض بممارسات عنفية، ويظهر ميولاً انتحارية يُصار إلى نقله إلى المستشفى حيث يمكث بين 15 و30 يوماً لإزالة السموم من جسمه قبل إخضاعه للتأهيل في مراكز متخصّصة، ويبقى تحت المراقبة لفترة طويلة قد تصل إلى أكثر من سنة». ويشير حب الله إلى «وجود أطباء يشخّصون كل حالة وعلى أساس ذلك نقرر التدخل»، مشيراً إلى أن الهيئة أخذت على عاتقها التدخّل لمكافحة آفّة المخدّرات «بعدما ارتفعت نسب التعاطي حوالي الضعفين خلال السنوات الأخيرة جرّاء الأزمة»، وإطلاق المشروع جاء «استجابة لانخفاض أعداد الموقوفين بتهم التعاطي والترويج والتجارة بعد انتشار جائحة كورونا واكتظاظ السجون، وفي ظلّ الأزمات المالية التي مني بها القطاع العام من وزارات وبلديات وقوى أمنية، والنقص في عديدها. كذلك استجابة لتداعيات الأزمة الاقتصادية، والتفلت الأمني الذي يفتح الباب أمام التجارة والترويج للمخدرات حتى صارت هناك سكّة تموين تشمل كلّ الأراضي اللبنانية، تؤمّن المواد المخدّرة عند الطلب، عدا عمليات النشل والسّرقة بداعي تأمين ثمنها».
تدير الهيئة ثلاثة مستشفيات وسبعة مراكز متخصّصة و29 مركزاً للرعاية تقدّم خدمات لتأهيل المدمنين والمرضى النفسيين


صحيح أن هذه مسؤولية الدولة، ولا سيما وزارة الشؤون الاجتماعية لتأمين التأهيل والرعاية للمدمنين والمرضى النفسيين، ووزارتي الصحة والتربية لوضع برامج توعوية ضد المخدّرات ولا سيما لفئة الشباب، والبلديات، والأجهزة الأمنية، لكن، «ليس هذا هو الوقت المناسب لنحاسب الدولة على تقصيرها، لذلك سنتحمّل في حزب الله مسؤوليتنا المجتمعية». وشدّد صفي الدين على «أننا لسنا دولة ضمن دولة، بل مثلما أنشأنا مقاومة ضد الاحتلال عندما تخلّت الدولة عن الدفاع عنا وعن أراضينا ومنازلنا، نحمي اليوم مجتمعنا على قدر إمكاناتنا ما دامت الدولة غير قادرة على فعل ذلك».