كمن يجذّف في الهواء، هناك في لبنان من يعيد طرح تدويل الأزمة ويتوقّع نتائج مغايرة، من دون مراجعة مئتي عام من التدخلات الخارجية منذ القرن الـ 19، كافية لاستخلاص أن لا الغرب الاستعماري نصير الشعوب، ولا هو أمّ الديموقراطية والعدالة وأبوهما، ولا يعني له لبنان إلا من حيث موقعه الجيوسياسي، ولجهة نزع عناصر قوّته لإراحة إسرائيل. هكذا يعيد التاريخ نفسه مع تكرار البعض التعويل على الخارج للإطاحة برموز الطبقة الحاكمة، وإحداث تغيير شامل في الحياة السياسية.ثلاثون نائباً، «تحمّسوا»، ووقّعوا عريضة لعقد مؤتمر دولي لـ«إنقاذ لبنان»، تتضمّن ما حرفيّته: «مطالبة جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية، والاتحاد الأوروبي، وكل الدول الصديقة للشعب اللبناني، بالقيام بواجب مسؤولية الحماية الدولية للشعب اللبناني المضطهد واتخاذ إجراءات جماعية طارئة وحاسمة من خلال مجلس الأمن وسائر المنظمات التابعة للأمم المتحدة. والدعوة إلى عقد مؤتمرٍ دولي لإنقاذ لبنان يعالج الوضع الإنساني والاجتماعي والاقتصادي».
المبادرة أطلقتها قبل 9 أشهر مجموعة «SAVE LEBANON» المؤلفة من ناشطين ومحامين وعسكر متقاعدين. واستندت إلى مبدأ مسؤولية الحماية الدولية في القانون الدولي (R2P -Responsibility to Protect) للشعوب عندما تفشل السلطات الوطنية في حماية سكّانها. ويعتقد المبادرون، وفق العضو في المجموعة دعد سعد، بأنّ الأزمة تتطلّب «تغييراً شاملاً»، وتحتاج إلى «مؤتمرٍ دولي» يقود إلى «عقد اجتماعي وسياسي جديد»، أو في الحد الأدنى «تطويره»، وفي الطريق إلى ذلك، «يوضع لبنان تحت الحماية الدولية». لا يقرأ هؤلاء في الخطوة سوى أنّهم يريدون «تطبيق القانون الدولي لجهة الحماية، وأنّ الدول مُجبَرة على مُساعدة اللبنانيين للخروج من الأزمة التي ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية». من حديث سعد، يتّضح أن «بنك الأهداف» الأساسي سياسي الطابع كالكلام عن «تجميد كل الاستحقاقات والذهاب الى نظام جديد» ينتج من المؤتمر المراد انعقاده بـ«غياب القوى والأحزاب السياسية الحاكمة، وأنّ القوى الناشئة هي التي تتولى المرحلة المقبلة».
ووقّع المبادرة نواب حزبَي «الكتائب» و«القوات اللبنانية»، والنواب: وضّاح صادق، ياسين ياسين، أشرف ريفي، كميل شمعون، ميشال ضاهر، رازي الحاج، مروان حمادة. فيما رفض النائب أسامة سعد التوقيع من مبدأ «تأييد الحوارات الداخلية وعدم تدويل الأزمة». أما النائب السابق فارس سعيد فلم يشجّعه النصّ بسبب «غياب المطالبة بتطبيق القرارات الدولية الخاصة بسحب سلاح حزب الله كالقرار 1559»، فيما رأى النائب ملحم خلف أنّ الطرح «يعطّل عمل المؤسسات الدستورية ويحيل حلّ الأزمة إلى الخارج»، كما امتنع النواب: حليمة القعقور والياس جرادة وغسان سكاف ومارك ضوّ عن التوقيع.
وحملت العريضة أيضاً، وفق سعد، توقيع كل من: الوزير السابق وئام وهاب، وراعي أبرشية بعلبك ودير الأحمر للموارنة المطران حنا رحمة، الشيخ عباس يزبك، السفير السابق خليل الخليل، والعمداء المتقاعدين جورج نادر وجورج الصغير وجوزيف الأسمر. كما كان لـ«Diaspora» حصّتها، ويبرز من ضمن «اللوبيات» الخارجية اسما: رالف نادر، وهو محام وناشط سياسي أميركي من أصل لبناني، وجيمس زغبي، رئيس المعهد العربي الأميركي، والمتخصّص في البحث والاتصالات وعمليات الاقتراع في العالم العربي.
وحمل المبادرون طرحهم الى عددٍ من سفراء الدول الأجنبية، من بينهم المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا، وسفراء قطر والأردن والبرازيل تاركسيو كوستا. كما تم إرسال نسخة من نصّ الاقتراح إلى الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لو دريان، والتواصل قائم كذلك مع مسؤولين سعوديين. وداخلياً، عرضت «Save Lebanon» مبادرتها على الراعي الذي، للمفارقة، لم يعط موقفاً حاسماً، والمجموعة في انتظار تحديد لقاء آخر في الديمان.